كتاب "الحياة الروحية في الإسلام - مفهومها و أسسها في الكتاب والسنة"، تأليف الأمام يوسف القرضاوي، يقول في مقدمة كتابه:
You are here
قراءة كتاب الحياة الروحية في الإسلام
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الحياة الروحية في الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات ، الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتديَ لولا أن هدانا الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، رحمةُ الله المهداةُ للعالمين ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصَحْبه ، ومَن دعا بدعوته ، واهتدى بسنته ، وجاهد جهاده إلى يوم الدين .
(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا )
(الكهف:10).
( رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ )
(آل عمران:8).
اللهم انفعنا بما علَّمتنا ، وعلِّمنا ما ينفعنا ، وزدنا علمنا ، نحمدك اللهم على كلِّ حال ، ونعوذ بك من حال أهل النار .
خير ما أحييكم به أيها الإخوة والأخوات ، تحية الإسلام ، وتحية الإسلام السلام ، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
(وبعد)
فحديثي إليكم ، كما طلب إليَّ الإخوة (1) ، عن مفهوم الحياة الروحية ، وأُسُسها في ضوء القرآن والسنة ، الحياة الروحية .
ما معنى الحياة الروحية ؟
وهنا نسأل عن معنى هذه الكلمة (الحياة الروحية)
ربما أنكر بعض الإخوة هذا العنوان .
قال بعضهم : هذه ترجمة لمعنى أجنبي . وقال بعضهم : إن هذا مصطلح لم يعرفه الإسلام من قبل ، ولم نره في تراثنا العريق.
ولكني لن أقف طويلا عند هذا ، ما دمنا قادرين على أن نحدِّد المراد من معنى الحياة الروحية ، فلا مُشاحَّة في الاصـطـلاح ، ولا يضرُّنا الأسماء متى وضحت المُسمَّيات .
الحياة الروحية قطعا لا يُراد بها ما يُطلَق عند القوم ، مثل الروحية الحديثة ، التي عُرفت في الغرب ، ونقلها بعضهم إلى الشرق الإسلامي ، وهي تلك التي تعتمد على ما يزعمون من تحضير الأرواح ومخاطبتها ، وهي كما قال الدكتور محمد محمد حسين رحمه الله ، في رسالة له : دعوة هدَّامة ولا شك ، ولها صلة بالصهيونية العالمية(2). فهذا لا علاقة لنا به .
إنما نريد بالحياة الروحية : ما يقابل الحياة المادية ، التي زحفت على العالم اليوم ، والتي شغلت الناس في دنيا الغرب ، وسرت عدواها إلى الشرق . وهي التي سحرت العقول والقلوب ، وسخَّرت الأبدان والجوارح لخدمتها .
الحياة المادية التي لا تهتمُّ إلا بالمادة ، وتُنكر ما وراء الطبيعة ، تُنكر أن لهذا الكون ربًّا خلقه ، وأعطى كلَّ شيء خلقه ثم هدى ، ولا زال يدبِّر أمره ، وتُنكر أن في الإنسان رُوحا تميُّزه عن سائر الحيوانات ، فهو مجرَّد حيوان متطوِّر ، وتنكر أن وراء هذه الحياة القصيرة الفانية حياة أخرى ، تُوفَّى فيها كلُّ نفس ما كسبت ، وتحصد ما زرعت ، وتُخلَّد فيما عملت ، هذه أُسُس الحياة المادية كما هي عند غيرنا .