كتاب " شعبة الزيتون " ، تأليف أبو العباس برحايل ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
You are here
قراءة كتاب شعبة الزيتون
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
شعبة الزيتون
ــــــ سيدي الرئيس... أنا خير من يحسن عقاب المومسات، اقترحني أنا لمعاقبتها يا سيدي الفاضل... وانفجر المكتب كله بالضحك المجلجل، والصخب العارم. وقال محافظ أمن الدائرة محتجاً، وهو يداري قهقهة مدوِّية:
ــــــ أعرف اختصاصك أيها الخزناجي المبتدئ. مهمة الاعتقال موكولة لي وحدي، وبعد الاعتقال ربما يأتي الحديث عن العقاب... وعلا الصخب واللغط أكثر فأكثر، فقال رئيس الدائرة وقد فقد ما بقي له من وقار:
ــــــ رجاءً شيئاً من الهدوء... رجاء لنفكر معاً في المصيبة التي حلّت بنا... لعنة الله على المفتش العام، أفسد علينا ما كنا عليه من نعمة الانسجام..".
ما كاد السكون يستتب حتى وثب مدير القطاع الصحي على علاء الأمين العام للبلدية، وأخذ يشد خناقه ويزعق:
ــــــ يا خائن. يا ابن الحركة أباً وأماً.. أتستطيع أن تقسم اليمين بأن هذا الرجل الحقير النازل في الفندق هو المفتش حقاً؟.. أقسم بشرفك إن بقي لك فضل من الشرف بأن تلك المرأة التي معه هي زوجته، وأنها قالت لك بأنها زوجة المفتش، أحلف قبل أن أفض فاك بهذه القبضة. وقال الأمين العام بلهجة لا تخلو من تهكم على الرغم من الوضع المزري الذي هو فيه:
ــــــ أقسم غير حانث، إنها استسلمت لي، وقضيت منها وطري، ولم أندم على الهدايا التي قدمتها لها من جانبي، لقد كانت امرأة من الطراز الرفيع حقاً، ولم يخطر ببالي أن مثل هذه السيدة البالغة الأناقة والأرستقراطية ليست حرم المفتش.
وتقدم وكيل الجمهورية من جهة، وبصق في وجه الكاتب العام، وزمجر مهدداً:
ــــــ أتسخر من أسيادك يا وقح، يا قليل التربية، أتتفاخر علينا بغزواتك الفجة؟.. كأننا سلّمنا لك أموالنا لتزني بها لا لتخدم قضيتنا، وهي أن تغمر الزوجة بالهدايا لتخفيف غلواء الزوج المفتش بتحرياته التفتيشية.. يا لك من لعين، يجب أن أزج بك في السجن. صرفنا الملايين لتضاجع بها امرأة نكرة؟.. أعد علينا ما قالته لك في الفراش كلمة.. كلمة..
ودون أن ينتظر الإجابة تحول الى الكاتبة وقد دلفت بحافظة التوقيعات فنهرها وتوجه إليها بنظرات نارية قاسية ليزمجر في وجهها وينفث أحقاده وكأنما أصبح هو الآمر الناهي في القاعة؛ ولا بد أنه استمد هذه الغطرسة من وظيفته القضائية التي كثيراً ما تحوِّل الأقزام إلى أنصاف آلهة، فيتصرفون كأنهم آلهة متناسين آدميتهم، منسلخين من صغارهم الذين لم يخرجوا منه إلا منذ حين قليل.
ــــــ أنت أيتها العجفاء... لماذا ادعيت أن هذا الرجل اعترف لك بهُويته، عندما وقع في أحبولتك المزعومة التي نصبتها له؟... هيا تحدثي... لماذا تتصنعين الفضيلة الآن وقد فعلت مع الغريب كل شيء فيما يبدو... هيا أجيبيني...
تقلصت شفتا الآنسة زهية، وقالت في ارتباك، ضارعة متسولة:
ــــــ أنا مظلومة.. يا سادة.. علاء لقنني ما رويته لكم تلقيناً لتدفعوا أكثر... أنا من قبل ومن بعد، لم أنل من مالكم إلا ما كان من حقوق الإقامة في الفندق... حقاً قد حاولت استدراج الرجل دون أن أفقد عفتي ولا فضيلتي بطبيعة الحال... وأنتم بأنفسكم وافقتم على شرطي، بأن أمثل أمامه دور المغرمة، دون أن أقع في المحظور. وفعلاً، بادلني الغزل وقال فيّ قصيدة غزلة، وتوقفت العلاقة عند هذا الحد، وأرى أني قمت بدوري كاملاً وفق الشرط. وقال الكاتب العام في خيبة:
ــــــ يا لكنّ أنتنّ النساء من بقرات إبليس!.. يا سادة، إذا حدثتكم النساء عن الفضيلة والعفة فاعلموا أن رئيس الأبالسة هو الذي يحدثكم.... أنت بنفسك يا زهية شرحت قصيدته على غير حقيقتها، والتي ما برحت ترددينها في خيلاء حتى حفظها الجميع: