قراءة كتاب من قضايا اللغة، والأدب، والنقد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من قضايا اللغة، والأدب، والنقد

من قضايا اللغة، والأدب، والنقد

في كتاب "سواد في بياض"، للأديبة الدمشقية الصديقة السيدة وداد سكاكيني محاسني، مقال بعنوان: "الأدب المكشوف"، تحدثت فيه حديثاً عابراً عن بعض ألوان الأدب ومذاهبه. ومما جاء فيه قولها:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
ثم كانت النكبة الفلسطينية عام 1948، وكان الإيراني قد غادر يافا منذ عام 1941، وجاء يعمل في شرقي الأردن. وغادرت أنا القدس مع من غادروها من اللاجئين عام 1948 إلى شرقي الأردن – بلدي الأصلي – وهنا، في عمان، لقيت الإيراني أول مرة، وأذكر أن لقاءنا ذاك كان أمام (مقهى البرازيل) – مبنى البنك العربي اليوم – ثم تكررت اللقاءات بعد ذلك، حتى تحول الأمر إلى مودة بيننا، وإلى احترام متبادل.
 
كنت أقدر ثقافته ومقدرته الأدبية – في القصة القصيرة وفي المقال - وكان يبادلني هذا التقدير الأدبي.
 
وتزاملنا في العمل في وزارة التربية والتعليم منذ أواسط عام 1954، وزادت هذه الزمالة من عرى الصداقة بيننا، كما زاد عنها الجوار – فقد كنا – في فترة من الزمن – نقيم معاً في جبل الحسين، وكانت الزيارات متواترة بين أسرتينا. وفي هذه الفترة رأيت أن أعقد ندوات أدبية في بيتي مرة في كل أسبوع. وكان الإيراني، وأمين فارس ملحس، وعبد الرحيم عمر من روادها الدائمين. واتسعت الندوة حيناً، ولكنها لم تعمر طويلاً، أسابيع قليلة ثم تتبعثر – كما يتبعثر كل شيء جميل عندنا، فنحن أمة تكره الاتفاق الطويل المدى، في جميع أمورها.
 
خلال مدة صداقتنا، صدرت جميع مؤلفات الإيراني، بعقد (أول الشوط): من (مع الناس) عام 1955 إلى (أصابع في الظلام) – آخر مجموعات الإيراني القصصية – وصدرت لي في هذه الفترة مؤلفات كذلك. وكنت أكتب عن مؤلفاته، وكان يكتب عن مؤلفاتي. وكان مما كتبه دراسة تحليلية جيدة عن روايتي (بيت وراء الحدود)، نشرها في جريدة (الحياة) البيروتية، واعتبر الرواية فيها من أجود ما صدر في الرواية العربية، إذ قال: "... تقف قصة بيت وراء الحدود بين أحسن القصص في أدبنا الحديث" (جريدة الحياة، بيروت - العدد 4015 بتاريخ 28/5/1959).
 
ولست أريد أن أحلل أعمال الإيراني القصصية الآن، فقد وقفت عليها في دراسة طويلة في كتابي (نحو نقد أدبي معاصر)، الذي صدر في منشورات الدار العربية للكتاب (تونس / ليبيا) عام 1981، وكانت هذه الدراسة قد نشرت أولاً في مجلة (الفجر الاقتصادي) في عمان. فليرجع من شاء إلى تلك الدراسة في مكانها من الكتاب، فلن أستطيع أن أضيف إليها شيئاً جديداً في تحليل أعمال الإيراني القصصية، ولكنني أقتصر ههنا على ما كان بين الإيراني وبيني.
 
وفي عام 1960 أتيحت لي فرصة لزيارة إيطاليا، في بعثة أدبية من اليونسكو لمدة ستة أشهر، في برنامج كان يدعى (برنامج التبادل الثقافي بين الشرق والغرب)، وأتيحت للإيراني فرصة (حلم العمر) لزيارة باريس مدة أربعة أشهر، في برنامج خاص بوزارة التربية والتعليم التي كنا نعمل فيها معاً.
 
في إيطاليا كان همي أن أتعرف بالكتّاب والشعراء البارزين، وبالحركة الأدبية الإيطالية الحاضرة، سواء عن طريق دور النشر، أم عن طريق الصحف والمجلات الأدبية، والمحافل الفكرية. وقد وُطّدت علاقات صداقة مع أكبر أدباء إيطاليا وشعرائها – مما كان يحسدني عليه الكثير من الأدباء الإيطاليين أنفسهم -، وتعرفت فعلاً على الأجواء الأدبية، وعلى نخبة المستشرقين والمستعربين هناك، في جميع المدن الإيطالية، وعدت بثروة ضخمة من الصداقات التي أعتز بها فعلاً.

Pages