كتاب " رجل من الشر " ، تأليف إبراهيم الشامي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2009 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
You are here
قراءة كتاب رجل من الشر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
رجل من الشر
(2)
بعد أسبوعين من لقائي الأول يوسف، كنت على متن طائرة مسافرة إلى مدينة الأعمال. كانت تلك سفرتي الأولى إلى هناك أتوق إلى رؤية ما سمعت عنها، وكعادتي كنت أجلس في مقعد الطوارئ لأضم ساقيّ الطويلتين.
وضعت حقيبتي في مكانها المخصّص واستقرّت حركتي وأخذت أنظر من النافذة قبل الإقلاع أفكر في شيء لم أعد أذكره.
تنبهت إلى شخص يمد يده ويصافحني وإذا به يوسف. تعانقنا وكأنني أعرفه منذ أمد طويل؛ قطع حديثنا سماع أرجوزة السلامة وترتيبات الإقلاع، ثم بدأ يسألني عن أحوال الزمان معي، وكأننا صديقان منذ زمن بعيد.
بدا لي أنه مسافر لقضاء عمل ما هناك وسألته إن كان كذلك، فكان رده أنه مسافر للاستجمام وتغيير أجواء العمل ولن يُطيل البقاء هناك. قطعت حديثنا ابتسامة مضيفة الطيران وهي تضع أمامنا وجبة الطعام.
اتفقنا أن ننزل في مكان يعرفه وأننا سنستجمّ معاً خارج ميقات عملي. كنت سعيداً لذلك لحاجتي إلى صديق في مكان لا أعرفه. كانت شخصيته مقبولة لديّ، يتمتع بالبساطة التي تمكّنه من التعامل بلطف مع الناس، فشعرت كأنني أعرفه وبدا مألوفاً جداً بالنسبة إليّ.
حطت طائرتنا في المطار، وكدت أضيع يوسف من شدة الزحام، ركبنا سيارة الأجرة، كانت عيناي تجولان في كل مكان وأنا أراقب المدينة الجميلة وشوارعها المكتظة بالأشجار والباعة الجوالين الذين زاد عددهم عندما أصبحنا وسط المدينة والعمائر المرتفعة التي لا تُعدّ ولا تحصى. سألت يوسف وقد حبسنا الزحام:
- هل الفندق قريب من هنا؟
ردّ وكأنه يُسكتني:
- سنصل قريباً.
وصلنا إلى الفندق ودخلنا جناحاً ذا غرفتين اقتسمناهما لنمتلك حريتنا، أعجبتني غرفتي، دخلت الحمّام لإزالة عناء السفر وكذلك فعل يوسف.
اقترح يوسف أن نذهب في نزهة إلى مكان يعجبه، نأكل هناك ونستمتع بالسينما مع الفشار الأبيض.
تقابلنا حول طاولة الغداء نتناول طبقاً تشتهر به تلك المدينة. حدثته عن أول لقاء بيننا إذ كنت أسترق السمع بينما كان هو وصديقه يتحدثان عن طفولتهما وعن لحظات لن تستعاد أبداً. وكدت حينئذ أقتحم طفولتكما وأسمعكما لحن طفولتي.
ضحك يوسف حتى كاد يغصّ بالطعام ثم قال:
- الحمد لله أنها لن تعاد أبداً.
امتلأت فضولاً وكدت أن أسأله عن السبب، لكنني لم أجرؤ على ذلك لأن موعد بداية الفيلم قد حان. أسررتها بنفسي. انتهى يومنا واستلقيت باستمتاع على سرير لا أملكه لأصحو على صباح يعدني بالأمل والسعادة.