You are here

قراءة كتاب الزيارة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الزيارة

الزيارة

كتاب " الزيارة " ، تأليف نهلة غندور ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

قفلنا عائدين إلى منزلنا. الكل صامت ما عدا أمي. محاولات الإقناع باءت بالفشل. لدى أبي ألف حساب وحساب. من المؤكد أن الإسرائيليين يعرفوننا واحداً واحداً. لم نستطع العودة كل هذه السنين. لماذا. وسنعود الآن. سنزور الآن. أكيد ثمة مؤامرة. إسرائيل عدو لا يؤتمن لا! لا مجال للعودة. لا! لا مجال للزيارة.

لم أعد أعي في أي زمن نحن. هل هذا معقول. نذهب إلى فلسطين. بعد كل هذه القصص المروية على مرّ السنين ستتجسد فلسطين. حلم سيصبح حقيقة. نركب السيارة ونعبر الحدود. كانت هناك قصص عن خط قطار من حيفا إلى بيروت. تدفع الأجرة لتكون في بيروت أو في عكا أو في صيدا أو في حيفا.في نهار واحد يمكنك الانتقال. بينما في أيامنا هذه أمضينا خمساً وثلاثين سنة للعبور من بيروت إلى عكا. لقد كان القطار أسرع.

سننام الليلة، إذا نمنا، وننطلق غداً صباحاً. لم يشأ أخي وأختي الذهاب معنا. سأذهب أنا ووالدتي. سيوصلنا أبي إلى صيدا لنأخذ التصاريح وننطلق بسيارة أجرة إلى الناقورة.

ستكون الزيارة ليوم واحد فقط. ننام ليلة وننطلق ظهر اليوم التالي. لم نوضب إلا القليل القليل. حاولت أن لا أفكر. إن مجرد التفكير يمكن أن يغير المسار. من الأفضل أن نلتزم الصمت. لا أحد يدري. حتى الجدران يجب أن لا تسمع. في غفلة مني أدركت أني سأكون هناك في ذلك المكان الذي طالما سمعت عنه. سمعت عنه الكثير. عشت أوقات فرحه وحزنه والحرقة تدمي القلوب. سأتلمس ذلك المكان. ذلك المكان الذي لم أزره حتى في حلمي. صورته عصية علي. كلماته محفورة في نبض كل قطرة من دمي.

لم يستوعب دماغي هذه اللحظات. ولا أدري ماذا كان شعور أبي. هل حلم الليلة الماضية أم أنه خاف أيضاً أن يفاجئه الحلم ؟ ما زلت غير مدركة رفض والدي. ماذا يدور في خلده؟ لماذا لا يريد الذهاب؟ هل يعتقد أن هذا حلم وهوفي انتظارالاستيقاظ؟ أنا أريد الذهاب لماذا؟ ماذا أنتظر؟ وإن وصلنا كيف سيكون شعوري؟ هل سأرتعب؟ هل سأضحك؟ هل سأبكي؟ هل سأسير على إسفلت ذلك المكان؟ أرى حجره. أشم ترابه. ألمس هواءه. ماذا سأفعل؟ إنها لحظات أبعد من الخيال.

ركبنا السيارة متوجهين إلى منزل عمتي. هناك قررنا الالتقاء في نقطة الغفلة. بقي الصمت حليفنا طوال الطريق وأبي يقود السيارة بتؤدة. حتى أمي لم تتكلم. توقفت عن إقناع والدي بضرورة الذهاب.

وصلنا وانتظرنا. وصل عمي مع ولديه وركبت عمتي سيارته. توجهت السيارتان نحو صيدا. عمي في المقدمة وأبي خلفه. إنه قائدنا. قائد هذه المسيرة. مسيرة العبور نحو الحلم. لقد كان فرويد عبقرياً. كان يعلم أن الحلم ليس إلا الحقيقة المستورة.

بعد نصف ساعة وصلنا إلى صيدا. دخلنا بوابتها منطلقين إلى السراي. كان الإسرئيليون قد جعلوا السرايا مقراً لهم بعد احتلالهم الجنوب. تأكد كل واحد منّا من وجود هويته. ترجّل عمي من سيارته، جمع هوياتنا ودخل السرايا.

انتظرناه مدة قصيرة. لم نرَ أحداً من الإسرائيليين في الخارج. لم يظهروا. ظلوا محصنين بقلعتهم الجديدة. خرج عمي يحمل مجموعة أوراق صغيرة.

- لقد حصلت على تصاريح لنا جميعاً .

Pages