You are here

قراءة كتاب مستقبل المرأة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مستقبل المرأة

مستقبل المرأة

لقد سُجنت المرأة الإغريقية في الخدر، ومُنعت من المشاركة في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية للمدنية. وباستثناء بعض المحظيات ومومسات «المجتمع الراقي» وهي حالات نادرة جداً، تسود القاعدة التي عبر عنها سقراط نفسه بقوله «السياسة للرجال والمنزل للنساء».

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

النظام الرجالي

ربما أصبح ممكناً للرجل أن يقوم بنقده الذاتي حول ستّة آلاف سنة من النّظام الذكوري والهيمنة التي يمارسها الرجال على كامل المجتمع.
وربّما يتاح اليوم للرجل أيضاً أن يعلن الصوت الذي يتساءل فيه حول التحوّل الجوهري في العلاقات الاجتماعية، وهو التحول تحمله الحركة النسائية.
لقد أصبحت هذه المهمة ممكنة، لأن النساء ذواتهن بدأن بهذا النقد، وبتأويل المعنى المستقبلي الخصوصي لحركتهن.
لقد سجل كتاب السيدة «ماريا دي لولاد بنتاسيلفو»، التي كانت خلال سنة 1979 رئيسة وزراء البرتغال، «النزعات النسوية الجديدة»(1) منعطفاً تاريخياً في أسلوب طرح المسألة. وفي الوقت نفسه يسمح لنا كتاب «ريجين برنود»: «المرأة في عصر الكاتدرائيات»(2) بموضعة مرحلةِ وبعضِ أسباب تدني الموقع الاجتماعي للمرأة في الأزمنة الحديثة.
تثبت «ريجين برنود» أن «موقع المرأة ضمن المجتمع، يتراجع بمقدارٍ يتناسب مع امتداد موقع البورجوازي»(3) أي حيثما أضيفت كل السلطات الأخرى الاجتماعية والسياسية إلى السلطة الاقتصادية.
لهذا القانون التاريخي قيمة عامة:
ضمن كل مجتمع يتراجع فيه اقتصاد الحاجة أمام اقتصاد السوق، يرتسم تمييز فعلي، تحاول الفئة السائدة تبريره بالجنس أو بالعرق أو بالطبقة، بين عمل «منزلي» (بكل معاني الكلمة) وسلطة «عامة» يتحكم فيها أولئك الذين ينظمون الحياة الاجتماعية خارج البيت الأسروي، على كافة مستوياتها.
لقد ألح «أنجلز» سنة 1881 في كتابه «أصول العائلة والملكية الخاصة والدولة» كما فعل «ماركس» قبل ذلك في كتاب «الأيديولوجيا الألمانية» سنة 1846 على أن «أول تقسيم للعمل قد كان بين الرجل والمرأة» كما أن أول قمع، هو ما مارسه الرجلُ على المرأة. لنتذكر إذن هنا، أن قمع المرأة هو أول أنواع القمع، سابقاً بذلك حتى القمع الطبقي الذي وُلد مع نظام الرق، والقمع العرقي الذي ولد مع إمبرياليات أثينا وروما ثم مع الاستعمار الغربي. يشير «انجلز» إلى أن هذا القمع «افتتح، إلى جانب الرق والملكية الخاصة، هذه المرحلة التي استمرت حتى أيامنا هذه، حيث أن كل تقدم فيها هو، في الآن نفسه، خطوةٌ إلى الوراء نسبياً، إذ أن رفاهة وتطور بعضهم يتم عبر آلام واستلاب الآخرين.
لقد نزع ماركس وانجلز، مقتفيين أثر الاقتصاديين الكلاسيكيين ـ خصوصاً آدم سميث و«ريكاردو» ـ إلى تضخيم أهمية الاقتصاد واعتبار المجتمع أساساً، تنظيمَ عمل وإعطاء الملكية والأجر، مثلاً، دوراً مطلقاً، تقريباً، في علاقات الهيمنة والاستغلال. إن ملكية وسائل الإنتاج خصوصاً، المصانع والآلات والرساميل، هي فعلاً وطوال المرحلة التاريخية للرأسمالية، منطلق كل السلطات الأخرى، من السياسة إلى الثقافة. إن المالك يلتبس مع من يقوم بإدارة المؤسسة (في حين أن هذه السلطة، لا تمارس، في يومنا الراهن، إلا بشكل غير مباشر، بفعل انفصال الشريك المساهم عن المدير التكنوقراطي).
إنه لذو دلالةٍ أن العمل داخل البيت الأسروي (وهو يمثل أكثر من ثلث العمل الوطني) لا يُسجَّلُ ضمن الإنتاج القومي الخام أو الإنتاج الداخلي الخام، كما لو أنه لا يساهم بشيء في الثروة الوطنية، في حين أنه عنصر جوهري في إنتاج هذه الثروة. وليس أقل دلالة من ذلك أن المرأة، حتى عندما تَخُرُجُ من دائرة العمل البيتي المجاني، غالباً ما تُلحق بالوظائف الأقل أجراً والأقل اختصاصاً والأكثر هامشية.
في فرنسا، مثلاً، لا تشغل إلا أقلُّ من 4% من النساء العاملات مواقع الكوادر العليا، و7% فقط من مدراء المؤسسات هم من النساء (وهنّ أقل من ذلك بكثير في المؤسسات الكبرى). وتُمثّلُ النساء، خلافاً لذلك، 70% من موظفي المكاتب، 80% من جهاز الخدمات و65%من الوظائف الصحية (حسب وثائق أمانة الدولة (الفرنسية) للعمل النسائي سنة 1980). في المحصلة: تدنو أجور النساء بـ 30% من أجور الرجال، شروط عمل النساء سيئة، ووظائف هامشية، واعتبار اجتماعي سلبي(4).
يسهل علينا، عبر ذلك، تفهم الضرورة المطلقة للمطالبة بالمساواة، سواء على مستوى توزيع عادل للعمل (حيث يأخذ الرجل نصيباً مساويا ًلنصيب المرأة في كل أعمال البيت والاعتناء بالأطفال) أم على مستوى العمل الاجتماعي المأجور: أجرٌ متساو لكلّ عمل متساوٍ.
إن هذا المبدأ أُعلِنَ في فرنسا سنة 1946، لكنه لم يوضع أبداً موضع التنفيذ بشكل كامل.

Pages