You are here

قراءة كتاب من سرق الطماطة أيها الوطن

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من سرق الطمامة أيها الوطن

من سرق الطماطة أيها الوطن

في ذلك الزمن كان أول الغائبين هو الزمن.. وكأننا لو ذكرنا تاريخ تلك الحوادث، فإننا سوف نزوّرها، كان فعلا فالتاً من الزمن، والزمن كان خائناً للحدث. فكأن عملية التأريخ هي عملية تزوير مهما حاولنا تأريخها..

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

هذا الشاعر قبل بضعة أسابيع من موته فقط، كان يردد على صفحات صحيفة الزمان بأنه لا يزال يعلق مديح صدام حسين له، على الحائط وأنه لا يزال يفخر بذلك.
هؤلاء الذين يرثون شعراء الطاغية، هم ورثة الخطاب التأويلي الكذوب الذي يحاول تزويق كل شيء.
لو كانوا يشاهدون كيف يذبل القصب من العطش في الأهوار كما تشيب خصلات شَعر الأمهات أمام مشهد الاعدامات الجماعية لابنائهن..
لو كانوا ينتمون لسجون صدام حسين في أبي غريب والرضوانية والأمن العام..
لو كان لهم أبناء غرقوا وسط المحيطات وهم يحاولون تهريب أجسادهم من سياط حزب البعث العفلقي..
لو كانوا ينتمون لجرح واحد من جروحنا، لما كتبوا كلمة واحدة..
حفنة شعراء البلاط هؤلاء هم جزء من حفلة استمرارية بقاء الديكتاتور.
ــــــ «لا تضع وقتك.. بقية أعضاء الحفلة كثر، واسم الثقافة غطاء كبير يستر قبائل اضافية من قطّاع الطرق».
ــــــ الكتابة لم تكن يوماً عملاً بريئاً ونظيفاً.. فما دام هنالك إنسان ضد الإنسان فإن هناك دائماً كتابة هي ضد الكتابة، فالكتابة نوع من الأسلحة أيضاً.
ــــــ «لقد سألتني قبل أسبوع «رانيا» السورية، حبيبة صديقنا الراحل غريق البحر والحسرات، نبيل هادي الحلفي، فقلتُ لها:
صدق كثيراً صاحبي فكذب عليه القدر، تعقّل كثيراً فجــــــعله مجنوناً.. ناضل من أجل الفقر، فغدا فقيراً.. أخلص في حزبه فخانوه.. أراد أن يركض بالكلمات فأقعدته.. حمل ذكرى حبيبته فسبَّته.. احتار بالحياة ومنطقها، حتى أنه لم يعد يعرف الا أنه لا يعرف. كما كان سقراط ولكن في ضفّة أخرى!
على ما يبدو فإنَّ الأشياء قد كذبت عليك يا صاحبي، حتى لو بلغت نهاية الكون ستبقى جائعاً للحب ولمزيدٍ من القيم... مغفل.. ههه.. يا أغبياء العالم اتحدوا.. هههه».
تناثرت عليَّ ضحكته مثل حصى في عاصفة ثم أكمل:
ــــــ «صدّقني لقد فكرتُ بهذا كثيراً خصوصاً بعد أن فقدتُ ابنتي حيث أنّ جدها السياسي الكبير في حزب الدعوة الإسلامية أبو أحمد القمي صاحب كتاب نواطير الغرب، لا يجعلني أراها إلا بعد أن أدفع مبلغاً من المال.
في آخر زيارة لي إلى العراق رأيته محفوفاً بالحرس والأموال.. كدتُ أنتحر وأنا أرى الشر ينتصر من جديد».
حاولتُ متابعة الحديث، لكن غصة المعنى كانت أكبر بكثير من البلعوم.
عاودني صوته من جديد كبقية عاصفة تجهش بها زوارق المهربين وهي مثقلة بصراخ الأطفال الرضع:
ــــــ «ما بالك لا جَلَدَ لك لمتابعة الحديث.. ألم تؤمن بالمصادفة، وأن بها وحدها يمكن أن نفسر الوجود بشكل معقول؟!».
ــــــ أجل... لكن أن يكون دوري هو دور القربان دائماً، شيء كثير.. كثير يا صاحبي. دعنا من هذا الحديث كيف حال دمشق؟!
ــــــ «مثل سدني استراليا، هناك مد عنصري يريد صنع جرافات تهدم كل شيء.. أي قدر ربط حوادث الشرق بالغرب هكذا؟!
كل شيء جميل في الكون الا القدر.. كل العوالم جميلة الا عالم الإنسان.
الإنسان يجعلك كافراً والطبيعة تعود بك.
ما زلتُ عاشقاً لدمشق رغم كل شيء، فهنا على الأقل خمرة التاريخ، التاريخ الذي كل شيء فيه غير معقول الا أساطيره.

Pages