كتاب " المسرح في العراق " ، تأليف أديب القلية جي ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ،ومما جاء في مقدمة الكتاب :
You are here
قراءة كتاب المسرح في العراق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
عبد الله العزاوي
كان المسرح عشقه منذ صباه، نشأ وحقي الشبلي قريبين جدا من بعضهما تجمعهما الهواية والرغبة في العمل التمثيلي، والبحث معا عن مصدر عمل في هذا المجال، الى ان اتيحت لهما الفرصة عندما قدمت فرقة جورج ابيض المصرية الى العراق عام 1926، واعلنت حاجتها الى ممثلين كومبارس، ولقوا ضالتهم بعبد الله العزاوي وحقي الشبلي وعدد من عشاق هذا الفن الجميل الراقي، واثناء عملهما مع الفرقة المصرية والممثلين المصريين احسوا انهما متمكنان من المهمة التمثيلية الموكلة اليهما، وانهما قادرين في المستقبل القريب على بناء حركة مسرحية عراقية جادة وجديرة ومتقدمة ايضا.
في عام 1927 قدم الشبلي طلبه الى وزارة الداخلية طالباَ الموافقة على تاسيس الفرقة التمثيلية الوطنية للتمثيل، لم يكن عبدالله العزاوي بعيداَ عن هذا الطلب وهذه الفرقة وعند استلام الموافقة من الوزارة، كان الفنان الشاب عبدالله العزاوي رهناَ لإشارة الشبلي، وبدأ العمل المسرحي للفرقة، وكان اول عمل اشترك فيه العزاوي مسرحية ( جزاء الشهامة ) التي أخرجها ومثّل الدور الاول فيها زميله حقي الشبلي.
ساهم الفنان عبدالله العزاوي في اغلب المسرحيات التي قدمتها (الفرقة التمثيلية الوطنية)، كما ساهم في تطوير عملها، وقادها مع زملاءه الى الابداع والتقدم الفني، لكنه انشق عن الفرقة بعد سفر حقي الشبلي الى مصر لغرض المعايشة المسرحية هناك لمدة سنة، واسس مع محيي الدين محمد واعضاء اخرين الفرقة العصرية للتمثيل، غير ان العزاوي الذي تربطه روابط صداقة عظيمة وفنية عالية المستوى مع زميله حقي الشبلي لم يهن عليه هذا الانشقاق وطلب من محيي الدين محمد مسؤول الفرقة ان يكتب رسالة الى الشبلي يعلمه فيها بالانشقاق الذي حصل وانقسام الفرقة الى فرقتين؛ الفرقة التمثيلية الوطنية ويقودها عزيز علي والفرقة العصرية للتمثيل ويقودها، كما ذكرنا، محيي الدين محمد، واكدت الرسالة ان الفرقة العصرية مفتوحة الابواب لحقي الشبلي متى ما عاد الى العراق.
وعند عودة الشبلي الى العراق في نهاية عام 1930، انتمى للعصرية، التي بدورها اجريت انتخابات داخلية انتخب الشبلي مديرا فنيا وعبدالله نائبا للرئيس واحتفظ محيي الدين برئاسة الفرقة.
وبعد أن أعاد الشبلي العلاقة مع زملاءه، وانتموا الى الفرقة العصرية، شكل فرقة جديدة اطلق عليها اسم (فرقة حقي الشبلي التمثيلية) وكان عبدالله العزاوي واحداَ من اعضاءها القياديين.
مثّل الفنان الرائد عبدالله العزاوي في 6 نيسان 1934 على مسرح الثانوية المركزية في بغداد دور حسن في مسرحية ( الحاكم بأمر الله) لمؤلفها إبراهيم رمزي، ومخرجها حقي الشبلي الذي مثّل شخصية الحاكم وهو الدور الرئيسي في المسرحية.
لم يستمر عبدالله العزاوي طويلا بعمله مع فرقة حقي الشبلي وذلك بسبب عدم اتاحة الفرصة له ليجرب حظه في الاخراج، وان يكون له موقع محترم وموقر فنيا بالفرقة. وبعد خروجه من معية الشبلي، أسس (فرقة جمعية انصار التمثيل) عام 1933 وصار رئيسا لها ومخرجا فيها ايضا، وكان مع العزاوي مجموعة من الفنانين المتقدمين، بعضهم من الذين تركوا العمل مع حقي الشبلي ومن هؤلاء فوزي محسن الامين، سليم بطي، عبد الحافظ الدروبي و زكي اللامي، والتحقوا بفرقة العزاوي الجديدة وعملوا معه في التمثيل، وفي بعض المهمات الاخرى كالإنارة والماكياج والديكور.
من المسرحيات التي أخرجها العزاوي لفرقته مسرحية ( المساكين ) وهي من تاليف سليم بطي كتبت عام 1933 وقدمت على المسرح عام 1934 ثم مسرحية (وحيدة) التي ألفها موسى الشابندر عام 1928 وقدمتها فرقة جمعية انصار التمثيل عام 1934. ثم أقدم العزاوي على اخراج مسرحية ( مجنون ليلى ) ومسرحية (عبد الرحمن الناصر) ومسرحية ( قاتل اخيه ) ومسرحية(عصفور في القفص) واخيراَ مسرحية وليم شكسبير ( يوليوس قيصر ). وكما هو حال الشبلي، لم يعط العزاوي هو الاخر الفرصة لأحد غيره كي يمارس الاخراج في هذه الفرقة، وكان هذا الاحتكار مرض ذلك العصر، واستمر هذا المرض الى يومنا هذا مع شديد الاسف.
كان العزاوي اكثر المتحمسين لتاسيس اتحاد فني يجمع الفرق الثلاثة التي كانت موجودة على الساحة المسرحية في اواسط الثلاثينيات، باستثناء فرقة حقي الشبلي التمثيلية، والفرق هي (الفرقة التمثيلية العربية) التي يراسها الفنان يحيى فائق، وفرقة (جمعية انصار التمثيل) برئاسة الفنان عبدالله العزاوي، فرقة بابل للتمثيل التي يديرها الفنان محمود شوكت، والاتحاد الفني هذا هو عبارة عن تشكيل تجمع فني واحد يكون متمكن فنيا، ولديه الطاقات المالية التي تمد انتاجاته، اضافة الى انه يستطيع الصمود لمدة طويلة امام اية نكسات مالية وفنية، والاتحاد الفني في العراق هو تقليد للموجة التي بدأت في اوربا في هذا الاتجاه لاسيما فرنسا، إذ وجدت قوتها في اتحادها، وان عناصر النجاح والهيمنة الابداعية لا تتم الا من خلال جمع صفوف المبدعين، وهكذا تشكلت اتحادات عملاقة وهائلة في كوادرها الفنية المتمكنة، هائلة في امكانياتها المالية التي تؤهلها لتاجير القاعات والتنقل بين المدن وبين الدول ايضا دون ان يصيب الاتحاد اي فشل او تخلف.
كانت الفكرة جيدة كما هي مطروحة ولكن الاصرار على ( الأنا العراقية ) هي المشكلة الاساسية التي لا تقود الى التقدم والابداع، ولا تفتح مجالا للعمل الدؤوب من أجل مسرح عراقي متقدم. هذه ( الأنا ) هي واحدة من أكبر مصائبنا ونكباتنا ومن أكبر عوامل تراجعنا، إذ ان ميثاق الاتحاد الفني العراقي كان ينص على احتفاظ كل رئيس فرقة بفرقته وبرئاستها، وهذا ما أدى الى ضعف الاتحاد وبالتالي فشله. ولم ينتج هذا الاتحاد طيلة فترة وجوده غير اربع مسرحيات هي (عنترة للايجار)، (الوطن)، (البيت) و (الدب) لتشيخوف التي مثّل فيها عبدالله العزاوي الدور الرئيسي (سميرنوف) ومثّل يحيى فائق ( لوكا ) ومثّلت زوجة يحيى ( نظيرة ) دور بوبوفا وعرضت المسرحيات الثلاث في بغداد وبعض المدن العراقية الاخرى.
لم تنقطع اواصر الصداقة والعلاقة العامة التي تربط بين الفنان عبدالله العزاوي وصديق عمره حقي الشبلي، ولم يؤثر انسحاب العزاوي من (فرقة حقي الشبلي للتمثيل) إذ بقت هذه الاواصر متواصلة ومتينة. وكان العزاوي اول مودعي الشبلي في مطار بغداد عند مغادرته الى باريس عام 1935 لدراسة الفن هناك، والعزاوي كان ايضا اول مستقبلي الشبلي عند عودته الى بغداد عام 1939 بعد إنهاء مدة دراسته في فرنسا.
كما ان الشبلي، عندما عينته وزارة المعارف مفتشا عاما للنشاط الفني المدرسي بعد ان عاد من باريس، استعان بصديقه عبدالله العزاوي، الذي كان معلما في المدرسة الرستمية في بغداد، وعمل الاثنان معا من أجل اعداد الموهوبين من الطلبة في مجال التمثيل ليكونوا كوادر فنية تاخذ مكانها في الدراسة بقسم التمثيل الذي يناضل حقي الشبلي من أجل تاسيسه في قسم الموسيقى واقامة معهد الفنون الجميلة.
استمر الفنان الكبير عبدالله العزاوي في عمله المسرحي ولم يتوقف حتى في الظروف الصعبة التي مر بها البلد، كحركة بكر صدقي الانقلابية ثم وفاة الملك غازي وانفجار الحرب العالمية الثانية التي وضعت اوزارها عام 1945. وخلال الحرب العالمية قامت في العراق حركة كبرى ضد الانكليز المحتلين ومن يؤيدهم من ازلام النظام والسلطة، ولم تؤثر على عمل الفنان عبدالله العزاوي.
ذكر الدليل العراقي الذي صدر عام 1936 وهو من اقدم ما كتب عن الحركة المسرحية في العراق أسماء أربعة من الرواد فقط هم حقي الشبلي وعبدالله العزاوي ويحيى فائق وكريم هادي، وتحدث الدليل عن الفنان الرائد عبدالله العزاوي ودوره المؤثر في الحركة المسرحية.
تبنى الفنان عبدالله العزاوي المؤلف سليم بطي عضو فرقته، والمسرحيات التي ألفها خاصة بالفرقة، وقد أخرج ثلاثة مسرحيات للبطي، الاولى مسرحية (المساكين) التي قدمت على المسرح عام 1934، وتحدثنا عنها سابقا، ثم مسرحية بعنوان (الاقدار) قدمت عام 1937 ايضا ومسرحية ( طعنة في القلب ) التي انجز سليم بطي تاليفها عام 1937 ومثّلت في نفس السنة وقدمت على المسرح. وقد حققت تلك المسرحيات نجاحا فنيا أشاد به المتابعون من المثقفين.
في بحثي عن هذه الفترة وعن المسرحيات التي قدمتها فرقة عبدالله العزاوي لم أعثر على اي نقد فني لهذه المسرحيات ولا حتى كتابة تقييمية لعمل المخرج عبدالله العزاوي او ادوار الممثلين. وهذه مشكلة حقيقية ونقص غير مقبول في هذه الحقبة الزمنية.
عندما تاسست الفرقة الشعبية للتمثيل عام 1947 كان الفنان الرائد عبدالله العزاوي أحد ابرز المؤسسين وابرز العاملين في هذه الفرقة التي تجمع العديد من خريجي الدورات الاولى والثانية من قسم التمثيل بمعهد الفنون الجميلة ومنهم من يواصل دراسته، فالفرقة الشعبية اول فرقة مسرحية تجمع عناصر ليست موهوبة فحسب انما مسلحة بعلوم المسرح وتقنياته الحديثة التي أتى بها الرائد حقي الشبلي من فرنسا.
بعد ان تاسس ستوديو بغداد للإنتاج السينمائي ووقع اختيارهم لاول عمل سينمائي هو ( عليا وعصام ) وتعاقدت الفرقة مع المخرج الفرنسي اندريه شوتان والمصور الفرنس جاك لامار لتنفيذ الفيلم وتم فيها اختيار الفنانين الذين يلعبون الادوار الاساسية في هذا الفيلم، كان الفنان عبدالله العزاوي على راس الذين تم اختيارهم ليلعب دورا مهما الى جانب الفنانين إبراهيم جلال، عزيمة توفيق، يحيى فائق، جعفر السعدي، سليمة مراد، فوزي محسن الامين، اعتدال يوسف واحلام إبراهيم. ولعب العزاوي دور (مطشر) الخفيف الظل والمتحرك النشيط.. وتذكرنا الشخصية كما اداها العزاوي بشخصية (شيبوب بن شداد) بأدائه وسلوكه وشفافيته وخفة دمه، كما ان الدور لا يبتعد كثيرا عن شخصية ( سانكوبانزا ) خادم ورفيق دون كيشوت. وعُرض الفيلم في آذار من عام 1949 في سينما روكسي في بغداد، وكان العزاوي جذابا ومتالقا ومبدعا في الدور الذي اداه بكل امكانية ومقدرة.
وبعد نجاح الفيلم قام ستوديو بغداد بانتاج فيلم جديد هو ( ليلى في العراق ) الذي أخرجه المخرج المصري احمد كامل مرسي وكان للفنان الرائد عبدالله العزاوي دورا هاما الى جانب إبراهيم جلال وعفيفة اسكندر وجعفر السعدي من العراق والمطرب محمد سلمان والممثلة نورهان من لبنان وعرض الفيلم في نهاية عام 1950 في سينما روكس في بغداد.
كان العراقيون يسمعون كل يوم جمعة من إذاعة بغداد ( التمثيلية القصيرة ) التي كان يخرجها الفنان عبدالله العزاوي، وكانت للتمثيلية نكهة خاصة محببة وشارة موسيقية متميزة، وصارت تحفظ هذه الشارة التي تبعث على السعادة عند سماعها من الإذاعة والتي تُعلن عن بث التمثيلية القصيرة التي يسمعها عدد كبير جدا من المستمعين ويتجمع في المقاهي حول جهاز الراديو عشرات المعجبين والعاشقين لهذا العمل الفني الجميل.
استمرت تمثيلية عبدالله العزاوي فترة طويلة من الزمن كان ينتجها قسم التمثيليات والبرامج الخاصة في إذاعة بغداد والتي كان عبدالله العزاوي يتراس هذا القسم فيها، وهو قسم كبير ومهم وعليه التزامات تقديم البرامج والدراما الإذاعية يوميا وبشكل مقبول وابداعي. وانتشرت الدراما الإذاعية في زمن عبدالله العزاوي انتشارا ملحوظا واعطيت الفرص للفرق المسرحية الاهلية لتقدم من خلال هذا القسم التمثيليات الإذاعية والمسلسلات التي احبها الجمهور وتابعها، وكتبت عنه الصحف بشكل ايجابي، والفضل يعود في هذا الى جهود وتخطيط عبدالله العزاوي.
وعندما استلم حقي الشبلي الادارة العامة لمصلحة السينما والمسرح عام 1964 فكر في تاسيس الفرقة القومية للتمثيل وفرقة الرشيد للفنون الشعبية وعين الفنان عبدالله العزاوي مديرا لفرقة الرشيد التي تحولت فيما بعد الى (الفرقة القومية للفنون الشعبية) ولعب العزاوي دورا مهما في تطوير هذه الفرقة وتعيين المدربين والقادرين اضافة الى المسح الفني الذي اقامته الفرقة في ارجاء العراق للوقوف على الرقصات والدبكات الشعبية التي يقدمها الناس في افراحهم والمناسبات العامة وتسجيلها ومن ثم تقديمها على المسرح بعد تهذيبهاوجعلها اكثر جمالا ومتعة وصالحة للعرض.
لم اعرف لماذا طُرد عبدالله العزاوي من وظيفته؟ ومن هي الدائرة او المديرية التي تجرأت وامتدت اياديها الى عبدالله العزاوي وطردته دون اي احترام لتاريخه المديد وعمله الدؤوب في مجال الابداع المسرحي والسينمائي والإذاعي والتعليمي ايضا.
كان هذا الفصل التعسفي سببا اساسيا لأزماته النفسية والصحية والتي أدت في الاخير الى قطع ساقه بسبب (الغرغرينا)، ولم يمهله آلمه ومأساته مدة طويلة ففارق الحياة ورقد رقدته الاخيرة دون ان يسال عنه الا القلة القليلة من زملاءه ومعارفه. كما لم تنصفه الحكومة ولا حاولت وزارة الثقافة احياء ذكراه او انشاء جائزة باسمه احتراما وتقديرا لما قدمه للمسرح والفنون الاخرى على مدى خمسين عاما لم يتوقف خلالها ولا ليوم عن العمل الإبداعي الراقي والمشرف.
واترك في الختام الحديث عن الفنان المؤسس عبدالله العزاوي للفنان القدير يوسف العاني يتحدث عن مأساة العزاوي في ايامه الاخيرة (بحالة يائسة يرقد الفنان عبدالله العزاوي في غرفة ضيقة، انه يعيش مأساة الفنان العراقي. لقد تعرف العزاوي على فنه وحده، ما رسه باستمرار واصرار ولم تساعده الظروف ليصل الى مركز وضيفي مرموق، ظل يعمل(كالداينمو) عشرات السنين، عمل في الإذاعة منذ ان اصبحت في العراق إذاعة، وكان قبل عمله في الإذاعة رائدا من رواد مسرحنا العراقي، وممثلا طامحا رسم الابتسامة على وجوه المشاهدين، وانتزع الضحكة من قلوبهم، بكل ثقة وجدارة، هذا الانسان يرقد اليوم في المستشفى بلا رعاية ولا اهتمام، دخل المستشفى بلا ضجة لم يسمع بذلك أحد فهو قعيد البيت منذ اشهر، بعد ان فصل من وظيفته، وحرم من عمل كان يربطه من قريب او بعيد بالمسرح الذي تالق عليه. عبدالله العزاوي رقد في سرير متواضع بأحدي المستشفيات، ثم بترت ساقه، انتزعت منه، الساق التي كانت له (عكازة ) حياتية تؤكد وقوفه على خشبة المسرح، يحركها كيفما يشاء.
كان عبدالله العزاوي يصعد السلالم ويهبط في إذاعة بغداد، بساقين صحيحتين، وهو يحمل على صدره عشرات(الاشرطة) والتمثيليات بعد ان أخرجها.
عبدالله العزاوي الانسان الطيب والفنان المرح والرجل الذي لم يعرف الكآبة والعبوس والذي كان يعيش يومه وبلا تعقيد بلا افتعال.
عبدالله اليوم لا يستطيع الا البكاء، انه يدين مجتمعه، انه يرسم علامة سوداء مؤلمة ومريرة لمصير الفنان العراقي.
ان من يزور عبدالله العزاوي في المستشفى لا يستطيع الا البكاء المر الصامت، عبدالله لا يستطيع ان يفعل شيئا غير التفرس في وجوه زائريه، كلماته تخرج من قلبه متقطعة أليمة حادة كالسكين! ليش؟؟
لا نستطيع نحن الا ان نصرخ ايضا، نسجل صرختنا على الورق، فهي تعبير عن احساسنا بمأساة عبداللهوامثال عبدالله، وقد تكون تعبيراَ عن مأساتنا جميعا، ان لم يوضع الفنان في مكانه الذي خلق له، وهو مكان رفيع وعال ).
مات الفنان الرائد الرمز عبدالله العزاوي في المستشفى في شهر ايلول من عام 1968 ، وشُيع بطريقة اشبه بالسرية، مئات الفنانين وعشرات من اصدقاءه ومحبيه، ومن متابعي اعماله الفنية الابداعية لا يعرفون بتاريخ دفنه، ولهذا لم يسر وراء جنازته غير حفنة من المقربين منه، وغاب عنه ذلك الجمهور الواسع والكبير الذي يمتلىء بهم مسرحه، وعروضه المسرحية.وا اسفي.) [10]