You are here

قراءة كتاب التنظيم الاجتماعي في الإسلام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة:
التنظيم الاجتماعي في الإسلام

التنظيم الاجتماعي في الإسلام

كتاب " التنظيم الاجتماعي في الإسلام  " ، تأليف  د. خليل محمد الخالدي ، والذي صدر عن دار غيداء للنشر والتوزيع .

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار غيداء
الصفحة رقم: 3

الفصل الأول
الإطار المنهجي والمفهومي للبحث
المبحث الأول : الإطار المنهجي للبحث
أولاً : تحديد مشكلة البحث
ثانياً : أهمية البحث
ثالثاً : أهداف البحث
رابعاً : منهج البحث
المبحث الثاني : الإطار المفهومي للبحث
أولاً : القرآن
ثانياً : السنة
ثالثاً : التنظيم الاجتماعي
رابعاً : البناء الاجتماعي
المبحث الأول: الإطار المنهجي للبحث
أولاً : تحديد مشكلة البحث :
لا يخفى علينا أن ظاهرة التنظيم الاجتماعي، ليست ظاهرة حديثة، إنما هي ظاهرة ثقافيةCultural Phenomena ، عرفها الانسان منذ أقدم العصور، حينما كان في صراع وتحدي دائب مع ظواهر الطبيعة والكون تارة، ومع مقدرات وأسباب وجودة الانسانية تارة أخرى كل ذلك لتوفير وتطمين أسباب العيش والبقاء.
وهذه الصيرورة من التحدي والاستجابة، حيال ظواهر الكون والطبيعة، دفعت الانسان للتفكير في إيجاد بناء أو تنظيم، يلم شعثهُ ويوحد صفه، ويحمي ذاته فيه، فكانت النتيجة ولادة هذه البناءات التنظيمية، التي جمعت الافراد والزمر والجماعات في إطار بنى اجتماعية.
ليتمكن من تحقيق أهدافه وإشباع احتياجاته البايولوجية والاجتماعية وليستطيع مواجهة التحديات الخارجية الطبيعية والبشرية فكان هاجس الانسان البدائي، النزوع نحو الاجتماع مع أبناء جنسه، وتلك لعمري هي طبيعة الفطرة الإنسانية الآيلة نحو الاجتماع وامؤانسة.
ولو استعنا بقوله (ارسطو) ((أن الانسان حيوان مدني )) لزدنا الامر إيضاحاً وتبياناً، فالأصل في الانسان ميل ونزع شديدان نحو الاجتماع مع ابناء سليلته.
ويسعفنا العلامة العربي ابن خلدون ( 1332_ 14.6م ) في هذا المقام بمقولته الشهيرة "إن الاجتماع الإنساني ضروري ,ويعبر الحكماء بقولهم الانسان مدني بالطبع "1(1) أي في طبيعته وفطرته ميلٌ وتودد للاجتماع مع أقرانه .
لأجل ذلك نشأت البنى التنظيمية في المجتمع البشري , كالجماعات , والزمر , والأسر , والتكوينات القرابية , التي كانت تؤدي وظائف وأدواراً ومهاماً بالنسبة للافراد في المجتمع البدائي . وإذا تقصينا جذور النظام ونشأته فإننا نلجأ إلى نظريات العقد الاجتماعي2(*) , social contact التي ظهرت في القرن الســادس عشر , والتي تزعمــــها كل من توماس هوبر وجون لوك الإنكليزي , والفرنسي جان جاك روسو .
وهذه النظريات تبحث في أصول النظام ونشأته , وكيفية العقد الذي نشأ بين الأفراد من جهة والحكومة من جهة أخرى . وتكمن دعوى هذه النظريات في أنه يجب على الأفراد أن يتنازلوا عن بعض من حرياتهم وحقوقهم للدولة , لقاء أن تقوم الدولة بحمايتهم من الأخطار والإعتداءات الخارجية , فضلاً عن إشباع حاجاتهم ضمن النظام الاجتماعي العام .
وإذا ما تقفينا جذور الظاهرة التنظيمية , لوجدناها ضاربة في القدم , من حيث نشأت في أغلب الحضارات القديمة , ظواهر ونشاطات تنظيمية , ففي حضارة بلد ما بين النهرين , ظهرت ظواهر تنظيمية في مجالات الحياة كتنظيم الاجتماعية كتنظيم الاسرة في شريعة حمورابي , والزواج والطلاق, وكذلك في جانب النشاطات المادية كإنشاء السدود والمعابد والطرق .
كما تميزت الحضارة المصرية , بإهاصات تنظيمية جديرة بالإهتمام في نواحيها الاجتماعية والمادية , منها بناء الاهرامات والمعابد والسدود , كذلك تميزت الحضارة الصينية والهندية , أيضاً في مجال التنظيم الاجتماعي والمادي كبناء السدود ومشاريع الري , وبناء المعابد .
وهذا ما يؤكد حقيقة بالغة الاهمية , ألا وهي أن إهتمام الإنسان بتنظيم حياته ونشاطاته , كان شغله وهمه الأساس في الحياة الاجتماعية , ذلك أنه لم يكن ليترك شؤون حياته الاجتماعية والدينية , تسير بغير نظام وانتظام . حيث أن إنسانية الإنسان تظهر في عمارته للأرض وفي بنائه الثقافي والاجتماعي الذي ميزه عن الحيوان , لاسيما في تنظيم علاقاته الأسرية والزواجية , وهذا ما يتناقض مع ما طرحه رواد النظرية الانثريولوجية , أمثال ياخوفن , موركان , إنجلز , ماركس , الذين يدعون بأن الصورة الاولى للحياة البشرية , كانت عبارة عن حياة فوضوية ومشاعية لا تحكمها قيم ومعايير وعلاقات تنظيمية سواء في نطاق الأسرة أم خارجها , ونحن هنا لسنا بصدد مناقشة هذه النظريات ذات الطابع الضني والتخميني , إنما لغرض الاستشهاد بها حصراً .
فالبناءات التنظيمية كانت ولاتزال تؤدي للانسان والجماعة طائفة من الوظائف والمهام الاجتماعية , منها إشباع احتياجاتهم البايولوجية والاقتصادية والدينية والثقافية , فضلاً عن أن هذه التنظيمات تطمح إلى تحقيق وتأمين التماسك الاجتماعي على مستوى الجماعة والمجتمع .
وبناءاً على ذلك فإنه لا يستطيع فرد أو مجموعة أفراد أن يعيشوا بعيداً عن التنظيمات , التي تحتوي الإجراءات والأساليب التنظيمية , التي بها تنتظم شؤونهم وأمورهم وحقوقهم وواجباتهم ومسؤولياتهم . ولذلك نشأت الحاجة الشديدة إلى فهم أصول النظام الاجتماعي في الإسلام , وفلسفته ومبادئه في بناء المجتمع , مقارنة بالنظم الوضعية , كالرأسمالية والاشتراكية , القاصرة في أصولها وتوجيهاتها في ترسيم صورة واقعية للمجتمع .
في حين يمثل الإسلام منهجاً متكاملاً للحياة الاجتماعية بجميع مفاصلها فهو دين ودنيا , أي أنه منهج رباني شامل ينظم شؤون الفرد وعلاقاته بربه من حيث العبادة , وينظم شؤون الآحاد فيما بينهم من حيث المعاملة .
وكما يقول نبيل السمالوطي "إن القيمة الكبرى للتنظيم الإسلامي أنه لا يقتصر على التنظيم الخارجي , ولكنه يعتمد وفي المحل الأول على الالتزام الداخلي الذي ينعكس على الافعال ويوجه السلوك الخارجي للانسان "3(1) .علماً أن الاسلام استطاع أن يقيم مجتمعاً فاضلاً في عصر النبوة وعهد الخلفاء الراشدين لانه منهج متكامل في شؤون الانسان دينياً ودنيوياً.
من هنا تبرز اشكالية ابحث في اصول التنظيم الاجتماعي في الاسلام، من حيث معرفة طبيعته قواعده وأسسه ومبادئه التي يبني عليها هذا النظام الاجتماعي، وعلى الرغم من كثرة الدراسات الدينية والاجتماعية4(2) التي كتبت في هذا المجال، الى انه كان يطفي عليها الطابع الديني الوصفي لحيثيات النظام واصوله في الاسلام.
أما دراستنا فهي تتبنى منظوراً سوسيولوجي تكاملياً فهو يمزج بين المنظور الاجتماعي والديني في إطار دراسته للتنظيم الاجتماعي، فهو يتجاوز النظرة التقليدية التي تبني نظرة حديثة تهتدي بما توصلت إليه نظريات التنظيم الاجتماعي الحديثة، من أطر نظرية ومنهجية استقتها من الدراسات النظرية والامبيريقية .
وتتحد مشكلة البحث في الاجابة عن التساؤلات الآتية :
ماهية التنظيم الاجتماعي في الإسلام ؟ وما مقوماته ؟ وما عناصره؟ ومن ثم كيف تمكن الإسلام من بناء مجتمعاً فاضلاً؟ ثم البحث عن القواعد والأسس التي يرتكز عليها التنظيم الإسلامي والوظائف التي يؤديها في المجتمع الإسلامي برمته.
ثانياً : أهمية البحث
لقد حضت دراسة التنظيمات الاجتماعية على إشكالها المختلفة باهتمام علماء الاجتماع بصفة خاصة في العقود الأخيرة من هذا القرن، لما أفرزته طبيعة التحول والتبدل السريع الذي طرأ على البنى الاجتماعية للمجتمعات، والذي أفرز بدوره إتساعاً وإنشطاراً تنظيمياً هائلاً لم تألفه المجتمعات البشرية من قبل بفعل عوامل التغير الاجتماعي من مادية وغير مادية والمتمثلة في (التقدم العلمي، والتطور التكنولوجي، والتنمية، والتحديث ).
وكما يقول عالم اجتماع التنظيم الشهير "روبرت برثيوس" R.Presthus في كتابه (المجتمع التنظيمي)" إن مجتمعنا المعاصر مجتمع التنظيم، ذاك أننا نولد في تنظيمات ونحيا ونعيش في تنظيمات، ونعمل ونقضي أغلب أوقات فراغنا في تنظسمات، ونؤدي الشعائر العبادية في التنظيمات، حقاً أصبحت حياتنا الاجتماعية كلها مرهونة بالتنظيمات الحديثة التي اوجدها المجتمع )5(1).
ولا يخفى علينا أن "التنظيم الاجتماعي"هو أساس بناء المجتمع وقوامه واستمراره، ذالك لأن التنظيم كأي بناء اجتماعي، توجد فيه نشاطات الحياة الاجتماعية كافة، والتي يؤديها ويقوم بها، من نشاطات اجتماعية ودينية واقتصادية وسياسية وعسكرية.
وهذه النشاطات على جانب كبير من الأهمية لأنها تتصل بشكل مباشر بحياة الأفراد والجماعات، في معاشهم وسلوكهم وتفاعلاتهم، ومن ثم لا يمكن أن نرى أي بناء تنظيمي، خالي من الأساليب والقواعد التي تنظم شؤون ذالك التنظيم داخلياً وخارجياً، وفي علاقاته مع البنى التنظيمية في المجتمع .
وتتجلى أهمية الدراسة وتسمو كونها تعالج موضوعاً حيوياً جديداً نشأ في نطاق علم الاجتماع، تحت مسمى " علم اجتماع التنظيم " الذي يكرس أطره النظرية والمنهجية في دراسة الواقع البنائي لمجمل التنظيمات الاجتماعية في المجتمع هادفاً الى معرفة مكوناتها ومقوماتها وأساليبها وقواعدها التنظيمية التي تسير عليها وتهتدي بها .
ولمعرفة ماتؤديه من مهام ووظائف، وأدوار اجتماعية، علماً أن لكل بناء تنظيمي في المجتمع طائفة من الأهداف التي يرمي الى تحقيقها.ومن ناحية أخرى فالدراسة تعد إسهامة جديدة متواضعة في حقل من حقول علم الاجتماع الديني، الذي يهتم بدراسة الظواهر الدينية والروحية في المجتمعات، من حيث نشأتها وتطورها والوظائف التي تؤديها تلك الظواهر الدينية في المجتمع.
ذلك هو علم الاجتماع الإسلامي أو (علم الاجتماع القرآني)6(1) الذي ظهر وتطور في مجتمعنا العربي في الفترة ما بعد عقد السبعينات والثمانينات من هذا القرن، ذالك الفرع الغض الواعد الذي تبنته نخبة خيرة من رجالات الاجتماع في المجتمع العربي . في ضوء تأطير وترسيخ سوسيولوجيا عربية خالصة، تتجاوز الطابع التقليدي، ذي القوالب الفكرية الغربية الجاهزة، الى البحث في الغاطس منم التراث العربي الإسلامي الثر، الكافي والقادر على تأصيل قاعدة معرفية سوسيولوجية عربية إسلامية خالصة وما أحوجنا الى هذا النوع من الدراسات، الذي تتجاوز الصيغ التقليدية، المستعارة من علم الاجتماع الغربي، نظرية ومنهجاً وآيديولوجية، لتبني مذهبية عربية إسلامية، تزلج بين الأصالة والمعاصرة في تبنيها للمشروع الحضاري السوسيولوجي العربي، بالاتكاء على خزين التراث المعرفي.والانفتاح على التيارات الفكرية العالمية الحديثة، ويضاعف أهمية الدراسة الخصوصية الحضارية للمنهج الإسلامي في فهم طبيعة المجتمع أللبشري وظواهره العمرانية والتنظيمية .ومما يعزز حيوية هذه الدراسة أمران أساسيان7(2)
أولهما: إن التيارات التي اصطلح تسميتها بالصحوة الإسلامية ترى أن الإسلام، باعتباره ديناً ودنيا، يجب أن يأخذ مكانه كأساس ومنهاج لتطوير المجتمع من كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
وثانيهما : إن بعض من المفكرين الاجتماعيين واللاهوتيين (الدينيين) من راح يتحدث عن نموذج عربي إسلامي خالص لإحداث أي تنمية أو تطور في مجتمعنا العربي، يشدد على بعث وتأكيد الذات العربية كما تجسدها الحضارة العربية الإسلامية .وهذا ما سنحاول تأكيده وتوضيحه في إطار هذه الدراسة .
ثالثاً :أهداف المبحث
يرمي البحث إلى دراسة وتحليل ظاهرة التنظيم الاجتماعي في المجتمع الإسلامي , في إطار سوسيولوجي شامل , متوخيا تحقيق الأهداف الآتية :
1. معرفة الإطار العام للتنظيم الاجتماعي في المجتمع الإسلامي .
2. معرفة ماهية الأسس والقواعد البنائية التي يستند إليها التنظيم الاجتماعي في الإسلام .
3. معرفة طبيعة المنهج الإسلامي في بناء المجتمع ونظمه .
4. دراسة العلاقات المتبادلة والمتداخلة بين نظمه الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والدينية .
5. دراسة وفهم القواعد البنائية التي تنهض عليها المؤسسات الاجتماعية الإسلامية كالمؤسسة الاسرية والدينية والتربوية والاقتصادية.
رابعاً : منهج البحث
إن محاولة فهم طبيعة التنظيم الاجتماعي في المجتمع المسلم –فهماً شمولياً –تقتضي من الباحث الاعتماد على آلية منهجية اجتماعية متكاملة، لكي يتسنى لنا الإحاطة التامة بجميع مكونات وأسس التنظيم الاجتماعي في المجتمع المسلم.ولتحقيق هذه الغاية، قد تم الاستعانة ببعض من مناهج البحث الاجتماعي الملائمة لهذا النوع من الدراسات .
ولقد اعتمدنا منهج التحليل الاجتماعي بشكل عام، فضلاً عن الاستعانة "بالمنهج التاريخي"الذي يفيدنا في تتبع الجذر التاريخي لنشأة التنظيمات الاجتماعية وتطورها في المجتمع الاسلامي. وبالتالي فهو يغطي لنا مساحة أكاديمية كبيرة من الدراسة .
وكذلك اعتمدنا "المنهاج المقارن" الذي يفيدنا في الكشف عن ما تؤديه هذه النظم الاجتماعية، من أدوار ومهام ووظائف، وعما تحققه من أهداف اجتماعية متمايزة ومتكاملة، فالمنهاج المقارن يفيدنا في دراستنا حينما نعقد مقارنات بين التنظيمات الاجتماعية ذاتها، من حيث تلأدية الوظائف والمهام والأدوار المنوطة بها فيها في المجتمع سوف تبين لنا المقارنة، المهام والواجبات التي تؤديها هذه النظم في المجتمع .
فالمنهاج المقارن يساعدنا بشكل خاص، في الدراسة حينما نعقد مقارنة ومناضرة بين النتائج التي تتوصل إليها دراستنا، والنتائج والأهداف التي توصلت إليها الدراسات السابقة المماثلة لدراستنا .
وكما يرى بعض علماء الاجتماع إن المقارنة هي الهدف الاسمي الذي يرمي الى تحقيقه العلم إذ عن طريق المقارنات نتمكن من الوصول الى معرفة القرائن والنظائر من الظواهر ومعرفة جوانب الاختلاف والتشابه بين تلك الظواهر، ونصل الى قوانين عامة ترسم وتحدد وتنظم المجتمع الاسلامي.
 

Pages