You are here

قراءة كتاب التنظيم الاجتماعي في الإسلام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة:
التنظيم الاجتماعي في الإسلام

التنظيم الاجتماعي في الإسلام

كتاب " التنظيم الاجتماعي في الإسلام  " ، تأليف  د. خليل محمد الخالدي ، والذي صدر عن دار غيداء للنشر والتوزيع .

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار غيداء
الصفحة رقم: 9

ثانياً : دراسة الشيخ محمد أبو زهرة، 1965 .

الموسومة بـ تنظيم الإسلام للمجتمع "52(1)

ان دراسة ابي زهرة هي دراسة دينية اجتماعية تحليلية يتعرض فيها الى اهم الدعائم والركائز التي يقوم عليها المجتمع الاسلامي، من خلال القيم والقواعد التي اقرها الإسلام لبناء المجتمع وتنظيمه، اما اهداف دراسته فكانت تتجلى في معرفة مصادر التنظيم الاجتماعي في الاسلام، ومعرفة ماهية الأسس والقواعد التي تقوم عليها النظم الاجتماعية كالأسرة والمجتمع المحلي والمجتمع الانساني في ظل الاسلام.

فضلاً عن تفصيل القول في أنظمة الزواج والمواريث والتربية الإسلامية وكذلك معرفة ماهية الاسس التي يبنى عليها نظام العلاقات الاجتماعية ونظام المعاملات المادية في الاسلام. فهو يرى في دراسته إن المصادر الاساسية للتنظيم الاجتماعي الاسلامي هي مصادر دينية بالدرجة الأساس، لأن الاسلام دين ودولة، فهو دين ينظم علاقة العبد بربه من جهة، وينظم علاقات الأفراد فيما بينهم من جهة أخرى، فالمصادر تنقسم الى قسمين. أولاً النصوص الدينية هي القرآن الكريم والذي نزل بحروفه ومعانيه على النبي صلى الله عليه وسلم وثانياً أقوال النبي صلى الله عليه وسلم التي تكون بياناً للاحكام الاسلامية وتوضيحاً وشرحاً للقرآن الكريم وهذه المصادر هي التي نضمت شؤون المجتمع كافة سواء من النواحي الاجتماعية أو المادية . وتبرز النزعة الاجتماعية التحليلية في دراسة الشيخ ابي زهرة عندما يتحدث عن بناء النظم الاجتماعية في الإسلام، فهو يبدا بالتنظيم الاسري ويرى أن الشريعة نظمت بنصوصها مجتمع الأسرة من حيث العلاقة بين الزوجين وعلاقة الآباء بالأبناء وربطت ما بين الأقارب، وفصلت الحقوق والواجبات لكل واحد تجاه أقاربه وغيرهم وجعلت اساس الحقوق والواجبات في الاسرة المودة والرحمة والتواصل وبينت إذا ما فقدت الرحمة أو المودة تقطعت أوصال الاسرة.

أما بالنسبة للمجتمع الصغير "المجتمع المحلي"فقد تعرضت النصوص لتنظيم المجتمعات الصغيرة، فنظمت فيها العلاقة بين الجيران والخلطاء في مصلحة واحدة مشتركة، وذكرت أن التعاون أساس الروابط الموثقة بين أعضاء هذه المجتمعات. أما فيما يخص المجتمع الإنساني فيرى ابو زهرة إن النصوص الغسلامية قد نظمت العلاقة بين بني الإنسان بعضهم مع بعض وعلاقات الدولة الاسلامية على اساس تكريم الانسان، لمجرد انه انسان لا فرق بين لون ولون، وجنس وجنس، وغني وفقير . ولقد فصلت الشريعة ما فصلت من حقوق وواجبات بين الآحاد بعضهم مع بعض، وبين الاسرة التي تعد اللبنة الأولى في البناء، ثم في المجتمعات الصغرى والكبرى، حتى تظمنت التنظيم الاجتماعي للأسرة الإنسانية كلها، في مثل قوله تعالى ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله اتقاكم / الحجرات : 13 وفي مكان آخر يوضح ابو زهرة اهم الاهداف الاجتماعية في الشريعة، فهو يرى بأن للشريعة الإسلامية أهدافاً لابد ان تتحقق في كل مجتمع ولو بين الآحاد بعضهم مع بعض، إذا جمعتهم بيئة، ولو كانوا جوارا في سفر أو جلوساً في مركب أو اجتماعاً في مسجد لأو لقاءاً عابراً لا استقرار فيه . كما نتحقق هذه الاهداف في المجتمعات المستقرة كالاسرة والمجتمع المحلي والمجتمع الكبير في الامة الواحدة. وان الشريعة تتجه في كل احكامها الى تحقيق هذه الاهداف الاجتماعية وهي المقاصد العليا للشريعة الاسلامية، فقد جاء الاسلام الحنيف ليشكل مجتمع فاضلاً يضم الانسانية جمعاء، وابتدأ فاتجه الى تربية المسلم ليكون عضواً صالحاً في المجتمع، فالعبادات لاسلامية والفضائل التي دعا اليها الاسلام تتجه نحو تحقيق هذه الاهداف وتوجيه اليها فالعبادات شرعت اتهذيب النفوس وتنمية روح المساواة وروح الاجتماع الذي لا اعتداء فيه، وإذا كانت العبادة لا تحقق ذلك فهي ليست عبادة ولا يقبلها الله.

وكذلك اسهب أبو زهرة في توضيح العلاقات الاجتماعية في المجتمع وعدها الأساس الأول لبناء المجتمع والتي تنبثق من الأخلاق الفاضلة التي يعمل الإسلام على تنميتها وتربيتها في العبادات والمعاملات. فالمجتمع الذي ينظمه الإسلام يحكم بقواعد عامة، وهذه القواعد تبدو في الاسرة وفي المجتمعات وفي الدولة وفي العلاقات الإنسانية بين الناس مهما اختلفت الوانهم وأجناسهم وأديانهم، وهذه القواعد تتلخص في المحافضة على الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية بكل صورها، والتعاون العام والمودة والرحمة بالإنسانية، والمصلحة ورفع الفساد عن هذه الارض.

كما تحدث أبو زهرة عن النظام التربوي في الاسلام وبين أهم ركائزه وعناصره. فهو يقرر بأن التربية الإسلامية تستند الى عناصر أربعة :

أولها ـــ تهذيب النفس، وتربية الوجدان، وتقويم اللسان.
وثانيهما ـــ تمكين كل عامل من ان يعمل بمقدار طاقته، وانتفاع الجماعة من كل الكفايات وتسهيل ذلك.
وثالثهما ـــ الانتخاب الطبيعي، وإشراف الجماعة على توجيه القوى المختلفة للعمل.
ورابعهما ـــ التربية العسكرية العامة، بحيث يكون كل مسلم مجاهداً مقاتلاً إذا طلب للميدان.
هذه عناصر التربية الإسلامية، وهي تسير بالناشئة الى غاية التدرج والاعتماد على أدوار السن في كشف المواهب والخواص التي تؤهل كل واحد لما يستطيع. ويمكن تلخيص أهم ما توصل إليه أبو زهرة بما يأتي :

إن الإسلام نظام اجتماعي عام وشامل للبشرية جمعاء لم يترك صغيرة ولا كبيرة من أمور الدين إلا فصلها تفصيلاً دقيقاً، فقد أرسى الدعائم التي ينهض عليها نظام الاسرة ونظام الزواج، وفصل في حقوق الزوجين وحقوق الأبناء وحقوق الأقارب، ولا سيما ما يتعلق منها بنظام المواريث فقد بين أسس هذا النظام وبين اركانه وعناصره وانصبته ومستحقيه من الاصول والفروع ضمن الاسرة ودائرة القرابة للموروث.

كما أوضح طبيعة التكافل الاجتماعي للإسلام، وبين ان الاسلام ينظر الى المجتمع على انه كيان متوازن متواصل الرحم، فالأسرة ترتبط بالمودة والرحمة. وقد بين القران الكريم بأن الناس أمة واحدة على اختلاف الوانهم واجناسهم. تجمعهم وتوحدهم أسباب العدالة الاجتماعية التي تعد من أهم الأسس التي يرتكز عليها المجتمع الاسلامي.

ثالثاً : دراسة الدكتور نبي السمالوطي، 1985 .

الموسومة بـ "الأسس البنائية للتنظيم الاجتماعي في الاسلام"53(1)

وردت هذه في كتابه "المنهج الاسلامي في دراسة المجتمع" وقد افرد لها فصلاص خاصاً، يبحث فيه عن ماهية الأسس البنائية التي يستند عليها التنظيم الاجتماعي في الاسلام، فهي دراسة اجتماعية تحليلية لمعرفة أهم المبادئ والاسس التي يرسمها الاسلام لبناء المجتمع ونظمه.

فقد بدأ دراسته بالقول "وتتضمن الشريعة الاسلامية التي تستند على كتاب الله الكريم وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوى المبادئ والأسس التي تنظم العلاقات الاجتماعية بين الناس بعضهم ببعض، وبينهم وبين خالقهم، ولعل القيمة الكبرى للتنظيم الاسلامي أنه لا يقتصر على التنظيم الخارجي ولكنه يعتمد على الالتزام الداخلي الذي ينعكس على الاعال ويوجه السلوك الخارجي للانسان"54(2)

ويؤكد الاستاذ السمالوطي على معيار التقوى أساس في بناء المجتمع فالتقوى أساس الايمان لأن تقوى الله هي الأساس الأول في ضبط علاقات الانسان داخل مختلف الجماعات الاجتماعية Social groups التي ينتمي اليها مثل جماعة الاسرة وجماعة العمل وجماعة الاصدقاء وداخل المجتنمع المحلي Community والمجتمع العام، كما تضبط علاقاته بالله سبحانه وتعالى،

وتضبط سلوكه وتجعله فاعلاً ملتزماً بالداخل وليس مجرد رد فعل للمثيرات الخارجية فحسب ويقول تبارك وتعالى يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته / آل عمران : 1.2 وقال تعالى : فاتقوا الله ما استطعتم /التغابن : 16 وقال تعالى يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً / الأحزاب : 7. .

وكذلك ورد في الحديث الشريف تأكيد على معيار التقوى. عن ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى"55(1) ويستدرج السمالوطي في دراسته ويرى ان الشريعة الاسلامية تضمنت كل ما ينفع الانسان في حياته وبعد موته ويكفل قيام مجتمع صالح، فالاسلام أقام مجتمعاً فاضلاً في عهد النبوة، وعهد الخلفاء الراشدين، لأنه ينظم شؤون الانسان في دنياه وفي علاقاته الأسرية وعلاقاته الاقتصادية، السياسية وبالآخرين وينظمها مع ربه.

إن الاسلام يتوخى تحقيق مجتمع فاضل غير مغرق في المثالية غير القابلة للتحقيق، بل أنها تجمع بين السمو الروحي والاشباع الانساني من غير تطرف. ويتم ذلك عن طريق نظام العبادات ونظام المعاملات التي أقرها الاسلام، واللذان يهدفان الى تهذيب سلوك الانسان وتقويمه وترويض نفسه وشخصيته.

كما بين أسس العلاقات الاجتماعية الصالحة الكفيلة لقيام المجتمع الصالح، فهو يؤكد على العدل واجتناب الظلم في أية علاقة اجتماعية سواء بين الافراد أم بين أولياء الأمور وعامة الناس ويتجلى ذلك في قوله تعالى : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وإلى الأمر منكم / النساء : 59 وعن ابن عمر صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم" على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ألا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " (متفق عليه).

ومن هذه الأسس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الناس التناصح فيما بينهم وترشيد بعضهم لبعض بما يتفق مع الشريعة السلامية حتى يستقم الناس في أجسادهم ونفوسهم وعقولهم وعلاقاتهم في جميع المجالات.

وكذلك من دعائم العلاقات الاجتماعية هو التخلق بالأخلاق الإسلامية والتي تقتضي من المسلم الإخلاص والتوبة النصوحة والاستغفار والصبر والصدق ومراقبة ربه في كل أعماله وعلاقاته.

ولقد أسهبت الدراسة أيضاً في عرض الأسس والمبادئ التي تقوم عليها التربية الاسلامية الصحيحة تلك التربية التي تستهدف الحفاظ على الفطرة النقية فكما ورد في الحديث الشريف "كل

مولود يولد على الفطرة فأبواه ينصرانه أو يهودانه أو يمجسانه"56(1)

فهو يوجز أهم خصائص التربية الإسلامية بما يأتي :57(2)

التربية الإسلامية تربية تكاملية.
التربية الإسلامية تربية متوازنة.
التربية الإسلامية تربية سلوكية وعملية.
التربية الإسلامية تربية تجمع بين الفردية والجماعية.
التربية الإسلامية تربية ترتكز على تقوية جانب المراقبة لله.
وأن هذه الأسس والمبادئ المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله باعتبارهما المصدرين الأساسيين في التشريع الإسلامي . وخلاصة القول فالشريعة الإسلامية تكفلت بتقديم بناء متكامل للنظم الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والسياسية والدينية، هذه النظم التي تحق النمو الروحي والعقلي والأخلاقي والاجتماعي لبناء المجتمع الإسلامي.

Pages