You are here

قراءة كتاب الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن

الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن

كتاب " الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن " ، تأليفد.

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

كان كل من قانون النزاعات المسلحة(قانون لاهاي)والقانون الدولي الإنساني(قانون جنيف)؛ واللذان نظما طرق ووسائل سير العمليات القتالية، ثم حاولا أن يخففا من ويلات النزاع بتأمين الحماية لبعض الفئات والأعيان؛ قد حرّما اللجوء إلى الإرهاب كوسيلة من وسائل الاقتتال.

وما تجب الإشارة إليه في هذا الصدد، هو أن أعمال الإرهاب زمن النزاعات المسلحة الدولية هي فئة إضافية ومحددة، تختلف عن الانتهاكات الأخرى التي حددها كل من القانونين السابقي الذكر، والتي يمكن تصنيفها في ثلاث طوائف من الجرائم:جرائم الحرب[13]، الجرائم ضد الإنسانية[14]، وجريمة إبادة الجنس[15].

أما تحريم اللجوء إلى الإرهاب زمن النزاعات المسلحة الدولية فهو التحريم الوارد على أفراد القوات المسلحة، وكل من يمكن استخدامهم من قبلهم من أفراد ومنظمات باللجوء إليه كوسيلة للقتال.ويتميز الإرهاب في هذه الحالة بالخصائص التالية:

1-أنه استخدام غير مشروع للعنف المسلح، زمن نزاع مسلح، قد يكون مشروعاً وقد لايكون[16].وبالتالي فالإرهاب هنا هو خرق لقواعد القانون الدولي والتي حرّمت اللجوء إليه، إما مباشرة، كالنص الوارد في الاتفاقية الرابعة لجنيف لعام1949م، والمتعلقة بحماية المدنيين كضحايا لهذه النزاعات، والذي حرّ م((جميع تدابير التهديد والإرهاب))[17].أو بنصوص تخص فئة من الأعيان أو الأشخاص، كالتحريم الوارد في المادة الرابعة من اتفاقية لاهاي لحماية الأعيان الثقافية لعام1954م، والتي تمنع أية أعمال عدائية ضد المنشآت الثقافية من تدمير وإتلاف وسرقة وتدابير انتقامية؛ والمادة46من البروتوكول الأول لعام1977م الملحق باتفاقات جنيف لعام1949م، والتي تحمي((المنشآت الهندسية أو المنشآت التي تحوي قوى خطرة))كالسدود والجسور والمحطات النووية لتوليد الكهرباء[18].ويرىHams Peter Gosserأن إجبار أسير الحرب على الإدلاء باعترافاته هو عمل إرهابي لأن الاتفاقية الأولى والثانية لعام1949م في مادتها(12)[19]، والاتفاقية الثالثة في مادتها(13)[20]، قد نصت جميعها على ضرورة المعاملة الإنسانية[21].

2-أن مرتكبي هذه الأفعال، هم عادة من العسكريين.لكن المدنيين الذين يقومون بهذه الأعمال يفقدون هذه الصفة، وبالتالي يفقدون ماقرره القانون الدولي الإنساني من حماية للسكان المدنيين.

3-يقع الإرهاب ضد المدنيين وضد الأعيان المدنية والثقافية التي يوفر لها القانون الدولي الإنساني حماية خاصة، بينما لاتعد هذه الأفعال إرهاباً عندما توجه للعسكريين أو المنشآت العسكرية.

4-ينحصر دور العمليات الإرهابية زمن النزاعات المسلحة الدولية في تحقيق هدفها المباشر(ضرب المصالح أو الأشخاص المعنيين).بينما يحاول الإرهاب زمن السلم تحقيق نتائج أخرى تضاف إلى الضرر المباشر في الأرواح والأعيان.

2ً-النزاعات المسلحة غير الدولية والإرهاب

ويقصد بهذه الفئة النزاعات التي تقوم عادة بين جيش نظامي أو أكثر في مواجهة حركات تحرر وطني، أو حركات ثورية موجودة خارج إقليم دولتها أو داخله.وفي هذا الإطار لابد من التذكير بأن((المنازعات الدولية التي تناضل بها الشعوب ضد التسلط الاستعماري، والاحتلال الأجنبي، وضد الأنظمة العنصرية، وذلك بممارستها لحق الشعوب في تقرير المصير))تبقى تحت حماية وسلطان القانون الدولي كما استقر عليها((العرف ومبادئ الإنسانية وما يمليه الضمير العام))[22]، وهي تعدّ جزءاً من النزاعات الدولية، ويسري عليها مايسري على هذه الأخيرة من أحكام.مما يعني أن تحريم اللجوء إلى الإرهاب هو حكم يسري على حرب العصابات تماماً كما يسري على الحروب بين الدول.وتعد الأعمال الإرهابية فئة مستقلة عن جرائم الحرب التي عددتها المادة(8/2-ح-هـ)من النظام الأساسي لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية، والتي يبلغ عددها(16)انتهاكاً، كما تختلف عما ورد في المادة(7)من جرائم ضد الإنسانية، والمادة(6)المتعلقة بجريمة الإبادة الجماعية.

وكانت المادة(44)من البروتوكول الأول لعام1977م، الملحق باتفاقات جنيف لعام1949م، قد قررت شرطين لابد من توافرهما حتى يُعدّ المقاتل غير خارج عن قواعد القانون الدولي بهذا الشأن، وهما وضع إشارة مميزة، وحمل السلاح علناً.وإذا كان حمل الإشارة صعب التحقيق أو أنها غير واضحة، فيجب أن يكون حمل السلاح علناً، وبالتالي يمكن لهؤلاء المقاتلين أن يستفيدوا مما قرره القانون الدولي الإنساني وقانون النزاعات المسلحة من حماية.

وبذلك نرى أن سلوك عناصر المقاومة اللبنانية، وخاصة عناصر حزب الله في حربها الأخيرة لتحرير جنوب لبنان، كانت تتقيد بهذه القواعد، إضافة إلى استهدافها المواقع، وأهداف عسكرية

وعسكريين إسرائيليين، ومن كان يتعاون معهم من جيش لبنان الجنوبي، دون المساس بأهداف مدنية[23].

على أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو كيف يمكن لأهالي مناطق محتلة أن يحققوا، ضمن هذه الشروط ومن دون الإخلال بقواعد القانون الدولي في هذا الإطار، حق تقرير المصير، وتحرير الأرض والنفس؟ لأن ظاهر القاعدة يدل على أن عدم احترام قواعد القانون الدولي بهذا الشأن يعدّ ارتكاباً لعمل إرهابي.وهذا الرأي يشايعه عدد كبير من فقهاء القانون الدولي الإنساني[24].

في الواقع، لنا في هذا الأمر وجهة نظر تعكس الواقع الذي نعيشه، وتقترب كثيراً من العدالة، لكنها لاتبحث في الشرعية الدولية بقدر ماتبحث عن الحق.وهي تتلخص بما يلي:مايطلق عليه البعض عملاً إرهابياً، والقائم به هو إرهابي، ماهي إلا أعمال مقاومة، ومنفذوها أبطال قوميون، وإن قُتلوا فهم شهداء.والعكس بالعكس، أي إن ماأطلقه النازيون من تسمية على مقاتلي الحرية الفرنسيين من أنهم إرهابيون، لم يغير يوماً من كونهم أبطالاً قوميين.ولايزال الأمر حتى يومنا هذا يكرر نفسه في فلسطين، حتى ولو اعتبر من يشاء، أن قاتل المصلين في الحرم الإبراهيمي هو مجنون؛ وأن من قتل مستوطناً في غزة هو إرهابي.

Pages