كتاب " الحجاب في التاريخ " ، تأليف د.
قراءة كتاب الحجاب في التاريخ
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ربما يكون الإنسان قد ظهر في صورة مشابهة لما هو عليه شكله المعاصر مع ظهور إنسان نياندرثال (Neanderthal) قبل حوالى مئة ألف عام، ثم دخل بعدها في عصور تاريخية متتالية في سياق تطوره، وقد اصطلح على تسميتها بالعصور الحجرية، فالنحاسية، فالبرونزية، وهكذا، إلى أن فتحت الكتابة بداية التاريخ المدون حوالى الألفية الرابعة قبل الميلاد في سومر ومصر القديمتين، وقبل ذلك في أوغاريت السورية، حيث تمت صياغة الحروف العربية الأولى على الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط.
ويخبرنا فريدريك إنغلز في كتابه عن “أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة(1)أن مورغان (Morgan) قد قسّم تاريخ الإنسان البدائي إلى مرحلتي التوحش (Savagery) ومرحلة البرابرة (Barbarism) قبل دخول الإنسان مرحلة التحضر (Civilization)، كما اعتبر أن كل مرحلة من هذه المراحل لها مراتب ثلاث. ويتجلى عصر أشعار هومر (Homer) في الإلياذه (Iliad) بوصفه أعلى مرتبة من مرحلة البرابرة قبيل دخول الإنسان مرحلة التحضر.
ويرى إنغلز في الفصل الثاني من الكتاب أن هيمنة الرجل على العائلة كانت تتويجاً لدخول الإنسان مرحلة الحضارة. فقد عبّرت هذه المرحلة عن انتماء الأبناء إلى أب واحد، وبالتالي انتظمت مسألة الإرث، حيث حُصرت في أبناء شرعيين غير مشكوك في نسبهم، وقد تطلبت هذه المرحلة الحجر على المرأة حتى يضمن الأب أن الأبناء هم من سلالته الموثوقة.
هذا الانتقال التاريخي إلى المرحلة الجديدة يفسّر لماذا كانت آلهة الإغريق الأنثوية أكثر احتراماً وإجلالاً وأوسع نفوذاً من المرأة الإغريقية في الفترات اللاحقة (عصر سقراط وأفلاطون وأرسطو) عندما حرمت من حقوقها وأصبحت المرأة جزءَاً من الملكية الخاصة بالرجل.
ومما ساعد أيضاً في اضطهاد المرأة الإغريقية، وجود العبيد والجواري بوصفهم من الملكية الخاصة بالرجل الذي أصبح يتمتع بجواريه فيما اقتصرت علاقة الزوجة الإغريقية على رجلها فقط، وحجرت في البيت تحت الحراسة ومنعت من الخروج إلا برفقة إحدى الجواري أو بصحبة واحد من أهل بيتها من الرجال كمُحْرَم. وكان الرجال يضيقون الخناق على زوجاتهم وبناتهم بوضع كلاب لحراستهن كي يُبعدوا عنهن المتطفلين والمعجبين.