كتاب " الحجاب في التاريخ " ، تأليف د.
قراءة كتاب الحجاب في التاريخ
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
كذلك كانت آلهة النيل «حابيس» تتسم بخصائص ذكوريّة وأنثوية معاً11. فهل هذه الفكرة هي أساس اعتقاد خلق المرأة من ضلع الرجل؟ وهل آدم وحواء هما رمز الانفصال إلى مزيد من التخصص البشري في علم وظائف الأعضاء؟ وهل آدم هو الإنسان الأول الذي يستحق أن يسمى أباً لأول مرة في تاريخ البشرية؟
ألا يحق لنا أن نتساءَل: هل كان الإنسان خلال الفترات التاريخية السحيقة كلها منقسماً إلى نوعين متميزين، ذكوراً وإناثاً، أم أنه بدأ خنثى، ثم انفصل إلى آدم وحواء وفاقاً للرواية الدينية التقليدية؟
نود أن نطرح نظرية جديدة ههنا مفادها أن الإنسان البدائي الأول كانت أعضاؤه التناسلية مجتمعة ومتكاملة، بمعنى أنه كان من جنس واحد مكتف ذاتياً لإتمام عملية التزاوج، أي أنه كان خنثى. ولكن، وفي سياق تطوره التاريخي عبر الملايين من السنين بدأت أعضاؤه المختلفة تتجه أكثر نحو التخصص لزيادة كفاءَتها في أداء وظائفها، وهذا النمط من التطور مثبت في علم البيولوجيا المعاصر؛ فثمة بعض الأعضاء عند الذكور اليوم لا وظيفة لها، كالحلمات في صدر الرجل مثلاً. بل ويمكن القول إن التخصص الحالي لكل من الذكر والأنثى هي نتائج طفرات جينية انبثقت عن الأصل الذي ضم الخصلتين، ويمكن القول أيضاً إن الحالات النادرة التي تولد اليوم خنثى هي الأصل وليست طفرات جينية!
لقد روت حضارة الرافدين قصص الغرام بكوكب الزهرة، عشتار، سيدة السماء، البتول12، آلهة الحب والخصب والأنوثة في الليل، وآلهة الحرب في النهار. فهذه عشتار أنثى وذكر في آن معاً. كانت عشتار تخدع عشاقها وتفتك بهم، كما فعلت بتموز (أدونيس)، حيث ظلت النسوة يبكين تموز حتى زمن النبوة، كما تذكر المراجع التاريخية. ولكن يبدو أن الأمور قد استقرت فيما بعد، أي أنها استقرت على الفصل الواضح والمحدد بين الجنسين. كان ذلك في حضارة بلاد ما بين النهرين التي عرفت تدوين التاريخ لأول مرة في تاريخ البشرية.
كان يوم عبادة الزهرة (أو العزى – آلهة الجاهلية) في التقويم البابلي هو يوم الجمعة13. وقد رحلت من بلاد الرافدين عبادة الزهرة (وهي الإلهة نينا (NINA) عند الآشوريين – آلهة الحب الجسدي)14، أو عشتار كما أطلق عليها البابليون، لتصبح «عستارت» في أرض كنعان، و«أفروديت» في بلاد اليونان15، و«فينوس» أو «ستيلا ماري» عند الرومان. والاسم مريم كان اسماً عاماً يطلق على آلهة الخصب16. كانت المرأة آنذاك لا تزال ذات قيمة وأهمية بالغة في حياة الناس الروحية والمادية.