كتاب " الربيع العُماني " تأليف سعيد سلطان الهاشمي ، والذي صدر عن
You are here
قراءة كتاب الربيع العُماني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
لذا كان من الضروري - التزاماً بالأمانة التاريخية والضرورة العلمية - توفير مادة تتصف بتقديم قراءة حيادية وموضوعية - قدر الإمكان - ووصفية للربيع العُماني في مختلف تجلياته ومظاهره منذ تفتح براعمه الأولى، مروراً بأوج مده في شهري شباط/فبراير وآذار/مارس (2011)، وانتهاءً باستشراف المستقبل، وأثر ذلك في الإنسان والمكان وخصوصاً جيل عُمان القادم، ليكون مرجعاً أساسياً لكل مهتم بالشأن العُماني خصوصاً، والحراك العربي السياسي والاجتماعي عموماً؛ فضلاً عن أهمية توثيق وتأريخ هذا الحدث الكبير والجذري في تاريخ البلاد الحديث والمعاصر، وما لهذا الفعل من أثر في الناشطين والفاعلين من مفكرين وأكاديميين وعاملين ومهتمين بقضايا الشأن الوطني وتطوراته، لتسهل عملية التقييم، والتقويم للاجتهادات الفردية والجماعية، وليقف الجميع على أهم الدروس والعبر المستقاة من أية نهضة مجتمعية مقبلة.
في المشروع ومحدداته
حاول مشروع الكتاب، قبل أن يصل إلى القارئ الكريم، أن يغطي – قدر الإمكانات - مختلف أبعاد أحداث الربيع العُماني على صعيد تطور الأفكار والتأثير الذي قامت به على مستوى التغيرات الاجتماعية والسياسية والمتغيرات، التي طرأت على سيرورة النظام والسلطة والمجتمع والإنسان، وبشكل محدد زمنياً في الفترة الممتدة من مطلع العام 2011 مركزة بشكل محوري على الحراك الشعبي الواسع، والضغط الشبابي المباشر على النظام السياسي، من أجل إحداث إصلاح جذري في بنيته وهياكله، ليتواءم وضرورات بناء دولة مدنية تحترم الإنسان وتسعى إلى ضمان حقوقه وحرياته، ومغادرة تلك الأطر التقليدية والمخاوف الأمنية العميقة التي كبلت النظام نفسه، وحرمته من النمو الطبيعي وفق مقتضيات العصر، وأصول التطور السياسي والاجتماعي والفكري.
كما يتحدد المشروع في هدفيته، خصوصاً في قسمه الأول، الدراسات، بتقديم مادة معرفية مرجعية محايدة وموضوعية، تعتمد منهجاً وصفياً تحليلياً يتخطى التقويمات المعيارية والمقاربات المؤدلجة، بحيث يتطلع ليكون قاعدة معلومات وصفية وسردية وتحليلية، في الوقت نفسه، من خلال اعتماده على المراجع الأصيلة والمصادر الموثّقة والموثوقة.
ويستفيد المشروع، بدون شك، مما أنجزه المفكرون العرب وغيرهم بشأن الربيع العربي، وهو ربيع عظيم وكثيف ومتسارع، ليقدم قراءة نوعية من حيث التوصيف والتصنيف والتحليل، وربطها في سياق الزمن العربي الجديد، الذي خرج فيه الإنسان إلى الشارع لينتصر لكرامته، ويغادر تلك الحالة من الاستعباد والخوف من ذاته وأحلامه، التي لازمته وعطلت طاقاته قروناً من الزمن.
ويأتي القسم الثاني، الشهادات، ليوثق تلك الحالة الوجدانية الخاصة واللافتة، التي غمرت الإنسان في عُمان، وحلقت به في أعالي الطموح والأمل، وانعكاساتها على الشخصية والوعي. فلم تعد الشخصية مستلبة، كما في السابق، للعادات والتقاليد، كما أن الوعي الحر الذي يعلي من شأن القيم والمبادئ، بدأ يعلن ذاته جهراً، ويزاحم ذاك الذي يتكئ على تلك العادات والتقاليد. لذلك تكتسب الشهادات الواردة في هذا الكتاب، أهميتها في رصد التطور الهائل الذي حدث، على مستوى القابليات والممكنات الذاتية للشاعر، والسينمائي، والفنان التشكيلي، والقاص، والروائي، والناشط الحقوقي، والفاعل في داخل تلك الاحتجاجات، بل حتى الطالب والمشاهد عن بعد.