كتاب " مسائل الاعتقاد عند ابن عطية " ، تأليف د.
You are here
قراءة كتاب مسائل الاعتقاد عند ابن عطية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
المطلب الثاني: حـيـاتــه الـعـلـمـيـة
لقد كان للنشأة المتميزة لابن عطية في بيت علم وفضل أثر كبير في سيرته العلمية؛ فوالده القاضي أبو بكر بن عطية اهتم كثيراً بهذا الغلام اليافع([8]), ومن شدة اهتمامه به حرصه على تعليمه أولاً, ثم إرساله إلى الشيوخ والعلماء لسماع الإجازات([9])، وقد كان رحمه الله فقيهاً, عالماً بالكلام, محدثاً, مفسراً, شاعراً, أديباً, عالماً بالأنساب, ولشدة علمه ولاه حاكم([10]) دولة المرابطين القضاء.
كما أن في سيرته العلمية عدداً من الشيوخ, ومعظمهم يُنسبون إلى المذهب المالكي, وهو مذهب أهل الأندلس والمغرب, ولا عجب أن يكون مذهب ابن عطية مالكياً كذلك.
كما كثر تلاميذه المجازون على يده مباشرة, أوبالإسناد إليه, وأثر رحمه الله في كثير من المفسرين قديماً وحديثاً مما سيتبين عند الحديث عن تفسيره .
أولاً: شيوخه وتلاميذه
تحدث ابن عطية عن شيوخه في كتابه الفهرس, وهو كتاب مخصص لشيوخه, ذكرهم, وما أخذ عنهم وقد تحدث عن هذا الكتاب عبد الوهاب فايد الذي استنتج أن ابن عطية قد أخذ العلم عن شيوخه بطرق أربعة هي كما يقول: "السماع والقراءة والمناولة والإجازة"([11]), ويعدّ الفايد أن كثرة الإجازات لعبد الحق بن عطية دلالة على مكانته العلمية، ويستدل على ذلك بقوله: "ويبدو لي أن الشيوخ حين أجازوه, وجدوا منه الأهلية التامة للعلم, والاستعداد الكامل لتلقيه فهؤلاء الشيوخ مالكية, وللإمام مالك شروط في الإجازة, أحدهما أن يكون المستجيز من أهل العلم ومتسماً بسمته, حتى لا يوضع العلم إلا عند أهله, وكان مالك يكره الإجازة لمن ليس من أهل العلم ولا ممن خدمه وقاسى صنعته" ([12]).
أما شيوخه فقد عدّهم ابن عطية في فهرسه ثلاثين شيخاً منهم:
1- والده الفقيه القاضي أبو بكر غالب بن عطية (518هـ), قال عنه ابنه: "قرأت عليه -رحمه الله - غير مرّة كتاب الموطأ, للإمام مالك, وكتاب الجامع الصحيح المختصر للإمام البخاري"([13])، وقد ذكر فيه سنده إلى الإمام البخاري, كما قرأ عليه كثيراً من المصنفات الأخرى([14]).
ومما ذكره ابن عطية في الفهرس ما يدل على أنه أخذ عن أبيه سماعاً وإجازة، كتاب: مختصر كتاب الطبري الكبير لأبي عبد الله محمد بن أحمد النحوي.
2- الفقيه الإمام أبو علي بن محمد بن أحمد الغساني(498هـ): ذكر ابن عطية أصل شيخه، وجزءاً من حياته ومولده ووفاته, ثم ذكر أنه قرأ عليه موطأ الإمام مالك, ومصنف أبي داوود السجستاني في التاريخ ([15]).
3- الشيخ الجليل أبو محمد عبد العزيز بن عبد الوهاب بن أبي غالب(495هـ): مدحه بقدم سماعه وقراءته على العلماء, وذكر أنه قرأ عليه البخاري, والتمهيد للباقلاني الأشعري مسنداً([16]).
4- الشيخ الجليل أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصقلي(518هـ) : ذكر أنه حدثه بكتاب التبصرة للشيخ أبي الحسن اللخمي , إجازة منه له([17]).
وأكتفى بذكر هؤلاء من شيوخه، ممن ذكر أن له منهم إجازة أو قراءة أو سماعاً وللاستزادة يراجع كتابه الفهرس.
أما تلاميذه فقد ذكر محقق كتاب الفهرس عدداً من تلاميذ ابن عطية([18])، منهم: ابنه حمزة، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الأندلسي المعروف بابن حبيش(584هـ), وهو ممن روى عن ابن عطية تفسيره([19]), ومنهم محمد بن أحمد بن عبد الملك المرسي(599هـ)، الإمام صاحب كتاب نتائج الأفكار ومناهج النظار في معاني الآثار, وهو من العارفين بأحكام المذهب المالكي، والفيلسوف المشهور ابن طفيل(581هـ)، صاحب قصة حي بن يقظان([20]). وفي هذا إشارة إلى فضل هذا العالم الجليل الذي تتلمذ على يديه الفقيه والمتكلم والفيلسوف.