You are here

قراءة كتاب خطاب الصورة الدرامية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خطاب الصورة الدرامية

خطاب الصورة الدرامية

كتاب " خطاب الصورة الدرامية " ، تأليف حسن عبود النخلة ، والذي صدر عن منشورات الضفاف ل

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 8

غير أننا- لا نقرأ في الصورة الدرامية الناتجة عن هذا الجسد المعذب الهوان والخضوع -بقدر ما نكون امام خطاب يعلن لنا العزة والكبرياء بكل معانيهما فالجسد يبدي مقاومة مستمرة، ويؤشر لنا حالة النصر والشموخ لأنه لم يزل حياً ونامياً. ولو انتهت المسرحية بأن يقضى على (برومثيوس) بعدة نهشات من النسر فقط. لكان انتصاره وقتياً ولم يحقق أثره التواصلي في الخطاب الذي يجعل من الصورة الدرامية ثقيلة المحتوى، مستتبة الوجود الذي بمقدوره ان يعيد لنا هذا المجد السرمدي في كل لحظة يعتمل فيها العذاب وكأن (ايسخيلوس) كان قاصداً الإشارة إلى انحيازه للألم الإنساني لكن بحذق يجعله في منأى عن الشبهات.

لذلك في كل أوقات العذاب التي يمر بها (برومثيوس) يخبرنا خطاب الصورة الدرامية لجسده أنه باق ومنتصر، وهنا الخطاب بفعل عملية التواصل في تعذيب الجسد يمثل عملية تركيز دائمة لتثبيت هذا الموضوع.

فلو قلنا ان هذا التكرار في عملية التعذيب الجسدي يجسده (ايسخيلوس) في نصه من اجل تذكير العاصين بما سيلاقونه من مصير بشع بخروجهم عن طاعة الإله، وانه منحاز لمناصرته فإن (برومثيوس) على الرغم من خروجه عن الطاعة، بيد أنه فعل ما يجب ان يقوم به أي إنسان نبيل ومخلص، ولو انه أذعن للأمر الإلهي لما حظي بهذا المجد. وبهذا المقام لن يكون عذابه الأبدي إلا إجلالاً متواصلاً لما صنع.

من هنا فإننا نلمس خطاباً مقدساً نقرأه في جسد (برومثيوس) وفي طبيعة صورته الدرامية فجسده لم يدنس، لأنه لم يقترف إثماً الا بالمنظار الإلهي، ولكنه في المنظار الإنساني قد وقع ما وقع عليه بسبب سعيه لإحقاق الحق وفعل الفضيلة، ولم ينحدر الى الرذيلة في اي لحظة من اللحظات، فقد هم بفعله لا بدافع من نـزوة او تهور ولكن بفعل فكر نير وإنسانية رفيعة. وهذا الأمر يجعل الصورة الدرامية للجسد مبعثاً لخطاب يؤسس إلى المناصرة والتعاطف والشعور بمدى المرتبة العليا المتمثلة فيه:

((رئيسة الكورس: لاشك في انك ذهبت الى ابعد من هذا ايضا؟

برومثيوس: نعم لقد خلصت الناس من وسواس الموت.

رئيسة الكورس: اي علاج كشفته لهذا الداء؟

برومثيوس: وصنعت فيهم آمالا عمياء.

رئيسة الكورس: ياله من عزاء قوي هذا الذي زودت به بني الانسان!

برومثيوس: وفعلت اكثر من هذا: أهديتهم بهدية النار.

رئيسة الكورس: ماذا! النار المشتعلة هي اليوم في أيدي الفانين العابرين؟

برومثيوس: ومنها سيتعلمون فنونا وصناعات لا حصر لها.

رئيسة الكورس: اهذه هي التهم التي من اجلها زيوس...

برومثيوس: فرض عليً هذه الاهانات، ولم يضع حداً لآلامي!

رئيسة الكورس: ولم يتقرر حد لمحنتك هذه؟

برومثيوس: لا حد الا مزاجه هو.))[7].

Pages