You are here

قراءة كتاب البحث الجغرافـي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البحث الجغرافـي

البحث الجغرافـي

إذا كانت الجغرافية الوعاء الذي يحتوي العلوم كافة, باعتبار أن غايتها الإنسان ومنطلقها الإنسان, فإن هذا لا يعني أن الجغرافي هو العالم بالعلوم كافة, وإنما علمه فيها بالقدر الذي لتلك العلوم من تدخل في الوسط الذي يعيش فيه الإنسان متأثراً ومؤثراً به.

تقييمك:
4.333335
Average: 4.3 (3 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
المقدمة
 
إذا كانت الجغرافية الوعاء الذي يحتوي العلوم كافة, باعتبار أن غايتها الإنسان ومنطلقها الإنسان, فإن هذا لا يعني أن الجغرافي هو العالم بالعلوم كافة, وإنما علمه فيها بالقدر الذي لتلك العلوم من تدخل في الوسط الذي يعيش فيه الإنسان متأثراً ومؤثراً به.
 
ولذلك يمكن القول, أن البحث بمعناه العام, كان أولاً بحثاً عن مجال حيوي للإنسان يعيش فيه أو منه؛ يؤمن غذائه ومائه, ويأمن حياته من الخطر. إلى أن تعدى ذلك بحثاً عن ليس بمتناوله, في سبيل اكتشاف ما ليس بمنظوره, بغاية توسيع مجاله. وهنا بدأ وضع الخطط القائمة على الفرضيات بغية بلوغ الأهداف ممثلة بالكشف عما يريد, بل عن الحقيقة التي يتوخاها بما تنعكس عليه إيجابياً.
 
إن الطريق الموصل إلى الحقيقة ليس سهماً أو شعاعاً خطياً, وإنما طريقاً مسلكه ليس سهلاً ـ وليس بالضرورة مباشراً ـ, وواسطته ليست واحدة, وقد تتعسر الواسطة, ولا سبيل عندئذ لتذليل العسرة أو العسرات إلا باستخدام ما يتيسر من الوسائل والأدوات, وإذا لم تنفع لا هذه ولا تلك, فلابد من التفكير بأسلوب أو طريقة لتجاوز تلك العسرة, وهنا تبدأ الفرضيات: فهل يتم تجاوزها بالالتفاف حولها, أم بالقضاء عليها, بالاعتماد على خطة منهجية في ذلك. فإذا باءت كل المحاولات بالاخفاق, فليس هناك من سبيل سوى تغيير الطريق عسى أن تكون الإمكانات المتاحة متوافقة مع الطريق الجديد بعسراته وغيرها.
 
وكم احتار هذا وضلَّ ذاك في طريق لم يجدا فيه سوى الشوك, وهجير الصحراء, ليعودا أدراجهما من حيث أتيا. فإذا لم نتسلح بالعلم والمعرفة, ونخطط لما نحن متجهون نحوه, فكأننا في صحراء لا هاد لنا فيها ولا مهتدٍ. وما المعرفة إلا السبيل إلى إتباع الطريق المنقذ لنا من الضياع, بما نمتلك من وسائل وأدوات, ونعتمد من طرق وأساليب...إلخ.
 
إن محاولة كشف الحقيقة التي غدت شبحاً تمثل غاية الكتاب وهدفه القريب, وستبقى النور الساطع المُظهر لما أُخفي, والموضح لما أُبهم. والجغرافية: علماً قبل أن تكون أدباً. تحليلاً وتعليلاً قبل أن تكون تعبيراً وقراءة لما بين السطور. استشعاراً للقادم وليست تغن بالماضي. استنطاقاً للمجهول انطلاقاً إلى المعلوم. وهي الحاضر بكل أبعاده والماضي بما أورثه وبما تركه من بصمات تمكن من قراءة الغد القادم. إنها الكلمة المعبرة والرقم المؤشر, والعلاقة التي تجمع ولا تفرق. وهي الكلمة بمكوناتها وليس بأحرفها. وكان هذا الكتاب ردة فعل لمعاناة الجغرافية, مما مرّ بها من افتقاد هويتها العربية, بعد أن تداعت البرجوازية العلمية على مفترق طرق الوصولية. ويبقى الأمل كبيراً في صحوة ويقظة, ونهوض من كبوة. والبحث عن الذات هو من البحث في المعلوم, والبحث في الأرض. والبحث الجغرافي: هو الامتحان لجغرافيتنا, ولنجاحنا وإخفاقنا. وحسبي أني قدمت في هذا الكتاب ما أردت منه تصحيحاً لمسار, وتصويباً لهدف, وبلوغاً لغاية نصبو إليها.
 
والله من وراء القصد
 
أ. د. علي حسن موسى
 
18/1/2008

Pages