You are here

$4.99
الخطاب الصوفي بين التأول والتأويل

الخطاب الصوفي بين التأول والتأويل

0
No votes yet

الموضوع:

تاريخ النشر:

2010
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

Overview

كتاب " الخطاب الصوفي بين التأول والتأويل " ، تأليف د. محمد المصطفى عزام ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

يطرح عملنا هذا إشكالية خاصة هي "التأويل والاصطلاح" وذلك في جانب من الإنتاج الثقافي الإسلامي، وتحديداً هو جانب الخطاب الصوفي؛ وتتمثل هذه الإشكالية في التعارض بين عملية التأويل وعملية الاصطلاح، فالتأويل إبداع ذاتي متحرر، أما الاصطلاح فهو إجراء موضوعي متحدد، والتأويل ينطلق غالباً من نص معين، في حين أن الاصطلاح مكوََّن من مكونات النص. ويكاد يكون هذا التعارض قانوناً عاماً يجري على النص التأويلي والمصطلح التقني معاً، لكننا فيما يخص الخطاب الصوفي، نجد أنفسنا أمام تمازج كامل بين التأويل والاصطلاح، بحيث لايعارض أحدهما الآخر، ولايتميز عنه، تماماً كما يحدث في النص الإبداعي بين المضمون ولغته الخاصة.

وإذا كانت أغلب حقول الثقافة الإسلامية قد قامت حول القرآن الكريم ولخدمته، فأقامت أجهزتها المفهومية والاصطلاحية على لغته وما يفسر هذه اللغة من العرف العربي، وقامت تلك الحقول بتأويل القرآن أحياناً دون أي تعالق بين التأويل والمصطلح، فإن الخطاب الصوفي غلى العكس منها قد تولدت أغلب مصطلحاته من تأويل النص القرآني، هذا التأويل الذي هو عبارة عن تبيان للمقاصد الخُلقية للنص المؤول، أما الوسيط الذي عن طريقه يتحول هذا النص إلى مصطلحات صوفية فتجسده التجربة الصوفية، هذه التجربة بالذات هي التي تحول تلقي القرآن لدى الصوفي من مستوى في الفهم إلى مستوى آخر، فيتحول التأويل تبعاً لذلك من مستوى إلى آخر، باعتبار أن السلوك الصوفي ليس إلا تفاعلاً بين التجربة والقرآن ينتج مزيداً من الفهم عن الله في كلامه كلما تعمقت التجربة؛ فالقاعدة عندهم أنه «لا يفهم إشارات القرآن إلا من طهر سره عن الأكوان وما فيها».

إن القرآن الكريم في الرؤية الصوفية شامل لحقائق الإنسان وحقائق العالم، وعندما يتحقق الصوفي، عبر تجربته، باستكناه حقيقة ذاته، فإنه في الوقت نفسه يفهم كلمات القرآن وكلمات العالم، فتغدو مظاهر الكلمات جميعاً إشارات ورموزاً هي خطاب الحق إلى الإنسان الذي عليه أن يتبين معانيها ومقاصدها عن طريق اتباع أوامر الكتاب المنزل والتحلي بآدابه، وذلك في سبيل القرب من المتكلم الأسمى سبحانه، وهذه هي طريق العرفان الصوفي الذي هو حضور كلي ومتجدد داخل الشبكة الإشارية لكلمات الله في قرآنه وفي أكوانه.

لقد اهتم الصوفية بإشارات القرآن ورموزه (أو باطنه) من أجل استشفاف مقاصده، فضلاً عن الدلالات الظاهرة لعباراته، مستندين إلى ما ورد في الأثر من أن للقرآن ظاهراً وباطناً؛ ولما كان التأويل هو ترجيح أحد الاحتمالات الزائدة على المعنى الظاهر، فإن المرجًّح عندهم إنما هو التطبيق العملي للآيات بعد تدبرها، ثم تدبرها بعد تطبيقها؛ وقد لاحظنا ظهور هذا النوع من التأويل الخلقي منذ عهد الصحابة، مع أنهم كانوا أميل إلى التطبيق العملي لمقاصد الكتاب الخلقية منهم إلى التصريح بمعانيها؛ ثم إن التأويل الإشاري سار إلى جانب التفسير العباري عند التابعين ثم تابعيهم، لا يفرق بينهما إلا شُعب الآراء المتطرفة في هذا الاتجاه أو ذاك.