أنت هنا
يونس فنيش: قايد الكتاب وكاتب القياد
القياد كثيرون والكتاب قلة:
مما ورد فيه عن هؤلاء الأبطال ،وان بدون مجد:
هم فئة من قنافذ رجال السلطة والقضاء والأمن ،الذين لم يستسلموا لكل الإغراءات المحيطة بهم؛صدقوا ما عاهدوا الله،وأنفسهم عليه فواصلوا القيام بواجبهم أتم قيام ،بدون طمع ؛وبدون أن يلتفتوا الى قطارات الذهب التي تمر أمامهم ،كما قال المرحوم الحسن الثاني ؛وهو يتحدث عن القضاة.
هذه الفئة مبغضة في إدارتها لأنها تشكل نشازا لا يرتاح له رؤساؤها.بل منهم من همش وقلصت مسؤولياته وسلطته الى الصفر.
من هؤلاء ،طبعا،القايد فنيش ،بفارق كونه اختار أن يظل يتكلم؛من خلال منبرنا هذا ؛حيث يغرينا ،باستمرار،بدخول جزيرته الغريبة العجيبة الأعجوبة ،لا لنتفرج على قردتها وفواكهها الاكزوتيك،ولكن لنرى أنفسنا في مرايا مياهها الهادئة.دعوة مرحة وهادفة لنقرر ما الذي يجب أن نصلحه من هندامنا.
لا معرفة لي شخصية بالرجل ،وان كنت أعرف الكثير عن سهام الإدارة التي أصابته؛ من خلال حواراته الصحفية القديمة ،وكتاباته التي تحضر فيها جزيرته الشخصية والباطنية.
كثيرا ما فكرت في أمره ،بعد قراءة نص من نصوصه الجادة والخفيفة الظل ،وقلت بيني وبين نفسي: رب ضارة نافعة؛القياد كثيرون والكتاب قلة.هذا قائد شاب يعبر إلينا-كاتبا- من قلعة الإدارة الترابية التي لم يخلق لها.هكذا يكون القلم قد استعاد حقوقه،أنامل خلقت لنحت الكلمات ونفخ الروح فيها ،وليس لإطعام غول الإدارة الذي لا يشبع.
لكن بعد قراءة مقاله الأخير، حيث يكشف عن وضعيته إزاء إدارته ،تأثرت بالغ التأثر ليس فقط لهذه الوضعية التي لا مبرر قانونيا وإنسانيا لها،عدا تشرنق بعض الممارسات السلطوية ،و تمنعها حتى على المفهوم الجديد للسلطة كما نادى به عاهل البلاد؛ بل تأثرت أيضا لكون الرجل غير مرتاح في وضعيته التي صنعتها المعاناة؛وضعية المواطن المخلص والغيور ،والعاض على مواطنته بالنواجذ حتى وهو يرى رؤساءه يسلبونه حق خدمة بلاده كما حلم وطمح منذ تنصيبه قائدا بفاس في التسعينيات.