غفرانك قلبي

كتاب " غفرانك قلبي " ، تأليف : ديما السمان  ، من اصدار دار الجندي للنشر والتوزيع ، نقرأ من الكتاب :

أطلّت عين الشّمس على واحة آل سالم.. تمسك خيوطها الذّهبية بأطراف شجر النّخيل.. تستعين في صحوتها على رحلة النّهار عبر السّماء الفسيح.

أطفأ الشيخ سالم القنديل يتثاءب:

- أطلّ الصّبح يا قوم.. لم نذق الّليلة طعما للنّوم.. فجميعنا مرهقون.. والعقل عن التّفكير قد كلّ وملّ.. لذا أجد أنّه أصبح لزاما علينا الآن أن نفترق... يحمل كلَ منّا ما سمع من الأفكار.. يمحّصها ويستنبط النّافع منها لنعود ونجتمع في المساء.. علّ الله يهدينا إلى ما فيه خير أنفسنا.

كانت الحرب شرسة  بين جيلين.. جيل الشّباب وطموحه لكشف المجهول والبحث عن مستقبل مأمون مضمون.. وجيل الشّيوخ وحكمته ووفائه لآبائه وأجداده وعمق الجذور.

جيل الشّباب ومرجل القلب يدفع دما ساخنا في العروق.. يبخّر الكسل ويتجاوز الصّبر.. يندفع في طفرات من الحماس تلغي الحكمة والتّروي.. وجيل الشّيوخ والدّم الرّاكد في العروق.. ينام فيه الصّبر.. ويعشّش فيه العجز.. يجترّ فيه العقل الأفكار والخبرة والتّجربة.. يستخلص منها زبدة الصّواب.. فالخطأ والشّعر الأبيض لا يتّفقان.

افترق القوم على أن يكون لهم في المساء لقاء.. كلّ يحمل رأسا متعبا مليئا بالاقتراحات والأفكار.. فالأمر جدّ خطير.. يستحقّ الرويّة والتّفكير.

مع حلول المساء.. بدأت وفود المختلفين تهلّ إلى الدّيوان.. من مؤيّدين ومعارضين.