أنت هنا
أجمل 100 وصفة عباسية
يصدر قريبا عن دار الوراق ببيروت ولندن «كتاب الطبيخ» وهو من تأليف محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن إبراهيم ابن الكريم الكاتب البغدادي579ه - 637ه، وتحقيق وتقديم: الدكتور قاسم السامرائي.
هنا مقتطفات من المقدمة:
نشر الدكتور داود الجلبي الموصلي - رحمه الله - هذا الكتاب أول مرة في سنة 1353هـ - 1934م في الموصل ولذلك لم تشع نسخه على نطاق واسع، إما لأنه لم يطبع منه نسخا كثيرة أو لسوء نظام التوزيع إذ ذاك، وقد اعتمد في نشره على نسخة فريدة وجدها اتفاقا في خزانة كتب جامع أيا صوفيا في استانبول.
ويقول الجلبي: «وقد احتوت النسخة الخطية على 54 ورقة، طول الورقة منها 20سم وعرضها 14سم، وتحتوي كل صفحة منها على 15 سطرا، وكتبت بخط نسخي على ورق ثخين»، بيد أن الجلبي لم ينشر أي نموذج مصور منها.
وقال الجلبي في مقدمته للكتاب: «هذا كتاب فريد في بابه. حوى جميع ألوان الأطعمة التي كانت مستعملة على عهد العباسيين. ألفه رجل عراقي قبل سقوط بغداد بـ33 سنة. ولقد أجاد كل الإجادة في بيان صورة تهيئة كل لون بعبارة متقنة كأنه يصف كيفية عمل كيماوي وبه يستدل على مدنية راقية وترف عظيم في ذلك العهد».
وقد أعاد فخري البارودي - رحمه الله - نشر نص الكتاب حين حصل على نسخة مطبوعة منه من الشاعر العراقي أحمد الصافي النجفي - رحمه الله - في سنة 1950م، فنشره في سنة 1964م كما ورد في نشرة الجلبي، حيث نشرته له دار الكتاب الجديد لصلاح الدين المنجد بدمشق، وألحق بالكتاب «معجم المآكل الدمشقية» التي كانت في زمنه بناء على نصيحة صلاح الدين المنجد، إلا أن البارودي لم يضف أية فائدة للنص الذي نشره الجلبي، فأثبت الإضافات التي أضافها الجلبي للنص نفسها، وهي ليست من النص الأصل وحذف كل التعليقات والشروح المفيدة التي ألحقها الجلبي في التذييلات (الحواشي)، ومع كل هذا فقد يسر وجوده للقارئ المهتم بمثل هذا الفن الفريد بعد أن نفدت طبعة الجلبي وأصبحت نادرة الوجود.
جاء في مقدمة داود الجلبي رحمه الله ما نصه: «في النسخة الأصلية حواش صغيرة على هامش الصفحات كتبها أناس مجهولون. أغلبها عبارة عن بعض جمل نقلت من منهاج البيان. نظرت فيها فوجدت معظمها لا فائدة منه فأهملته، وأثبت قليلا منها بين عضادتين في متن الكتاب تتميما للفائدة، أما الحواشي التي في أسفل بعض صفحات هذا الكتاب فهي لي، وأظنها لا تخلو من فائدة»، وقد صدق، ولذلك أثبت الكثير منها وصححت بعضها وأضفت إلى التذييلات ما وجدته مفيدا من الشروح والتعليقات للقارئ المتتبع الجاد.
أما كتاب «منهاج البيان في ما يستعمله الإنسان في الأدوية المفردة والمركبة» فهو للطبيب ابن جزلة المتوفى في سنة 493هـ، ولكن الجلبي أدخل في النص الأصل ما ليس منه، فكان علي أن أتأكد من أن ما أقحمه الجلبي لم يرد في النص الأصل بعد أن حصلت على مصورة كاملة من المخطوطة التركية نفسها بوساطة أخي الكريم الدكتور سهيل صابان، ولذلك حذفت كل ما أدخله من نص منهاج البيان لابن جزلة، بيد أن هذه الاقتباسات تدل في الوقت نفسه على أن المؤلف ربما قد اقتبس من كتاب منهاج البيان في كتابه هذا ومن غيره كما أشار في مقدمته حيث قال: «ثم إني كنت قد وقفت على عدة كتب مصنفة في صنعة الطبيخ قد ذكر فيها أشياء مستغربة لا تأنس الأنفس بها وجمع في حوائجها بين أشياء مستهجنة، إذا جمع بينها لم تسكن النفس إليها»، ولكنه لم يشر إلى أي كتاب منها، فلعله اقتبس أيضا من كتاب «الطبيخ» لأبي محمد المظفر بن نصر بن سيار الوراق، وهو يعد من أقدم ما وصل إلينا من مؤلفات عربية في فنون الطبخ.
ولا بد أن ابن سيار الوراق قد اقتبس في كتابه من عدد من المؤلفات التي كانت في عصره أو قبله، ولكن يظهر من محتويات كتاب ابن سيار الوراق أنه ليس كتابا في الطبيخ فحسب، بل في صفات الأغذية ومركباتها وتأثيرها على صحة الإنسان أيضا، فهو كتاب يجمع بين الوصفات المطبخية والطبية،حيث اقتبس من كتاب إبراهيم بن المهدي وأورد بعض أبيات من شعره في الطبيخ، واقتبس من كتب يوحنا بن ماسوية ويعقوب بن إسحاق الكندي مؤلف كتاب الآلات والأدوات وكتاب البزوري وابن دهقانة بعض الوصفات الطبية في صناعة الطب والطبيخ، والظاهر أنه كان على معرفة وثيقة بطباخي دار الخلافة وأطبائها فقد أورد ما كان يعمل للرشيد والمتوكل والمعتضد من الأدوية المركبة.
ولعل كتاب الطبيخ الذي وضعه أبو اسحق إبراهيم بن المهدي العباسي المتوفى في سنة 224هـ من أبرز الكتب التي صنفت في الطبيخ العباسي فقد كان إبراهيم بن المهدي يتمتع بذوق رفيع فيما يتعلق بالطعام الذي كان يعد في مطابخ دار الخلافة، بل والطريف أنه كان ينظم أشعارا في الأكلات وأنواعها وطرق طبخها وتهيئتها، وهذا لم يكن جديدا بالطبع فإن كتاب ابن سيار الوراق يحتوي على الكثير من القصائد في الأطعمة، إلا أن الجديد في الأمر هو وضعه وصفات لطبخات عدة على شكل قصائد.
وذكر النديم في الفهرست بعض الكتب التي ألفت في الطبيخ فقال: «كتاب الطبيخ للحارث بن بسخنر، وكتاب الطبيخ لإبراهيم بن المهدي، وكتاب الطبيخ لابن ماسويه، وكتاب الطبيخ لإبراهيم بن العباس الصولي، وكتاب الطبيخ لعلي بن يحيى المنجم، وكتاب الطبيخ لمخبرة، وكتاب الطبيخ لأحمد بن الطيب، وكتاب الطبيخ لجحظة، وكتاب فضائل السكباج له، وكتاب أطعمة المرضى للرازي كتاب الطبيخ له، وكتاب الطبيخ لنطاحة وكتاب الطبيخ ليحيى بن أبي منصور الموصلي»، ويمكننا أن نضيف كتاب الطبيخ لابن خرداذبه وكتاب الطبيخ لابن الداية، وكتاب الطبيخ لابن مندويه، ولمسكويه كتاب الأشربة وكتاب الطبيخ، ولكشاجم المتوفى في حدود سنة 350هـ كتاب الطبيخ، ولموسى بن العازار من الكتب كتاب المعزي في الطبيخ، ألفه للمعز الفاطمي وليوحنا بن ماسويه كتاب الطبيخ.. والأمر الغريب أن النديم لم يذكر كتاب ابن سيار الوراق فيما ذكر من كتب الطبيخ ومؤلفيها.
المصدر: الجرائد السعودية ، جريدة الشرق الأوسط