أنت هنا

$6.99
الاحكام الخاصة في السنة النبوية

الاحكام الخاصة في السنة النبوية

المؤلف:

0
لا توجد اصوات

تاريخ النشر:

2014

isbn:

978-9933-10-660-7
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

نظرة عامة

كتاب " الاحكام الخاصة في السنة النبوية " ، تأليف محمد الخيمي ،والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر عام 2014 ، 
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
الحمد لله وليِّ كل نعمة، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى، وعلى آله وصحبه، وبعد:
فإن هذا الكتاب في الأصل هو بحث علمي عنوانه (قضايا الأعيان في السنة النبوية وأثرها في اختلاف الفقهاء)، وهو بحث يدخل في بابَي العامِّ والخاص من مباحث أصول الفقه الإسلامي.
ثم لما أذن الله بطبع هذا البحث في كتاب، رأيت أن أعنون الكتاب بعنوان أساسي آخر هو: (الأحكام الخاصَّة في السنة النبوية) .
وذلك أن العنوان الأصلي -وإن كان أكثر دقة وضبطاً من الناحية المنهجية- غامض لكثير من طلبة العلم، فضلاً عن الكثير من المهتمين بالثقافة الإسلامية من غير المتخصصين، فاستبدلت به العنوان الآخر؛ كراهية أن أفاتح القارئ بما يستصعب، وإن كنت أبقيت الكتاب مشيَّداً ومبوَّباً على أساس العنوان الأصلي؛ لأنّه أدقّ وأبعد من النقد كما أشرت.
ومع أن الأبحاث التي كتبت حول العموم والخصوص في أحكام الشريعة كثيرة، ما يخيل للمرء معها أن الباب قد سُد للزيادة فيها أو الاستدراك عليها، إلا أن مسائل هذين المبحثين من أصول الفقه لم تزل إلى يومنا هذا من أهم المسائل المطروقة والمثيرة للجدل بين الباحثين، وتأتي تلك الأهمية من أن الشريعة الإسلامية -بخلاف كل الشرائع الأخرى والفلسفات التي حكمت العقل البشري- جاءت لتخاطب الناس خطاباً عامّاً وشاملاً من يوم أن نزلت إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وهذا ما يعني أنَّ تخصيص ما هو عامّ، وتعميم ما هو خاصّ، يفضي إلى زَلَل عظيم، في تنزيل نصوص الشريعة في مواضعها التي قصدها الشارع، ويجعل أحكام الشريعة محل شك من الناس.
وهو الأمر الذي يكسب مسائل العموم والخصوص، وما يتعلق بهما من ضوابط وقواعد، تلك الأهمية الكبيرة. وقضايا الأعيان هي واحدة من تلك المسائل المهمة.
وقد خفي مصطلح قضية العين، وما يتعلَّق به من قواعد، على كثير من المشتغلين بالعلم الشرعي، فضلاً عن الجاهلين به كما تقدم، فكان من آثار ذلك الجهلِ أنْ أفرط فيها قوم، فأخذوا بمقتضاها دون قيد؛ فهان عندهم تخصيص ما أراده الشارع عاماً، وردُّ ما جعله الله مُحْكَماً، وفرّط فيها آخرون، فعمدوا إلى ما أراده الشارع خاصّاً فعمّموه.
فكان أن أنتج إفراطُ هؤلاء وتفريطُ أولئك أحكاماً غريبة عن منظومة الاستدلال الأصولي، وخارجةً عن دائرة الاختلاف المشروع.
وبسبب الجهل بأصول هذه القاعدة من قواعد أصول الفقه، ربّما استُبعِدت نصوصٌ من السنّة الصحيحة من دائرة القَبول، وأُوِّلتْ نصوصٌ من السنّة الصريحة بالتأويلات البعيدة، وكلُّ ذلك بزعم مخالفة النص أصولَ الشريعة.
ومن الأمثلة الموضحة لذلك أنه قد أثيرت في الإعلام ضجة كبرى حول قيام إحدى المشتغلات بالعلم الشرعي بإمامة الرجال في صلاة جماعة في إحدى بلاد الغرب[1، وزعمت أنّها تستند في مشـروعيّة ما قامت به إلى حديث أمّ ورقة الأنصاريّة رضي الله عنها ؛ وهو حديث يجعله أكثرُ أهل العلم من قضايا الأعيان.
وأثيرت ضجة مثل تلك حول فتوى نشرها بعض المشتغلين بالعلم الشرعي[2، يجيز فيها للكبير الرضاعة من الأجنبية إذا دعت الحاجة إلى الخلوة بها؛ مستدِلاًَّ بقضية رضاع سالم رضي الله عنه من سَهْلة بنت سهيل، مع أنّ جماهير أهل العلم تجعل قضية سالم هذه من قضايا الأعيان.
فهذان مثالان على الاستدلال بما لا يصلح دليلاً.
وعلى العكس من ذلك؛ فقد يحصل من بعض الباحثين أن يجازفوا بالحكم على حديث ما بأنه قضية عين، فيسقطوا الاستدلال بما حقه أن يُستدل به.
ومن ذلك، أنه قد قام بعض المنتقدين للشـريعة، والمدّعين أنّ أحكامها غير صالحة لكلّ زمان، بالاستدلال لدعواهم الباطلة تلك بأنّ الشريعة تبيح لوليِّ الصغيرة أن يزوِّجها وهي طفلة لا رأي لها، ومثَّلوا لذلك بزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم من أمّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها وهي صغيرة.
واستدلوا لذلك أيضاً بأنّ الشريعة تمنع المرأة من تولّي الرياسة كما يتولاها الرجال، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة»، وفي هذا ما فيه من انتقاص لحقوق المرأة، كما زعموا.
ثم نهض بعض أهل الغَيْرَة على الشريعة لدفع تلك الشبهة عنها، فما وجدوا سبيلاً لذلك -هدانا الله وإياهم- إلا ادّعاء أنّ كلا الحديثين هو قضية عين لا عموم لها، فجعلوا ما يكاد السلف والخلف يُطْبِقون على أنّه من أحكام الشـرع العامّة للناس كلِّهم، جعلوه خاصّاً بشخص واحد.
وكذلك، فقد قام بعض الباحثين في الشريعة، بتصنيف كتاب دعا فيه إلى تجديد أحكام الدين، واقترح لذلك إحياء بعض الاختيارات الفقهية البائدة والمنقولة عن بعض الفقهاء، وأن يُستبدَل بها اختيارات أخرى اعتمدها جمهور الفقهاء عبر العصور[3.
لكنَّ التحقيق في تلك الاختيارات المُقتَرحة يُظهر أنَّ نسبةً مهمّة منها ما هي إلا آراء شاذّة لبعض الفقهاء، استندت إلى أدلّة قال العلماء فيها إنها قضايا أعيان[4.
وهذا كلّه قصور في الفهم، ناجم عن عدم الإحاطة بذلك المصطلح المسمَّى (قضايا الأعيان)، وهو ما يُظهر الحاجة الماسّة إلى بيان معنى هذا المصطلح الذي تداوله الأصوليون والفقهاء، واعتمدوا عليه في كثير من استدلالاتهم، بما يجعله مصطلحاً واضحاً ومنضبطاً قدر الإمكان، وبما يُعين الباحث في علوم الشريعة على استدعائه والاعتماد عليه كلَّما اقتضت الحاجة ذلك.
والله المستعان، وهو سبحانه يهدي السبيل.