المجموعة القصصية "ظلال عابرة"؛ قدمت إلى حياتي لتنير قناديلها بعد أن انطفأت بفعل ريح الشتاء العاتية، وبيد الحانية أشعلت فواني الأمل بعد أن صدئت، لتبدد عتمة اليأس التي خيّمت على دنياي الكئيبة. تجرّعت مراراً مرارة الظلم والألم، وتحرتني سكاكين الحزن ومشانق الخيبة والخذول!! أتيت.. فزرعت البواسق في أرضي لتغني طيور الحلم والجمال. وتنموا أعشاب الأول فوق أرضي القاحلة.
الكآبة تغطي مساءات المدينة، والمطر يبلل شوارعها في نهار خبت شمسه، بعد أن لفت الغيوم سماء تلك المدينة المتمددة بقلب الصحراء·
فكانت كالعطشان الذي لم يرتوِ منذ أمد بعيد· فغفت بعد أن ارتوت ملتحفة رداء مبلل بالمطر ومطرز بحكايات أزلية تلك التي تنام تحت وسائد سكانها، أقفلوا عليها صناديق ذواتهم وأحكموا أقفالها·
في أحد أحياء المدينة الذي يغلب على سكانه الفقر، قطع سكونه صوت سيارة تسير متهادية في شارع ضيق في هذا الحي وتكاد مصابيحها أن تخترق جدرانه، وتشعل الضوء في جنبات عتمته !
وما أن وصلت عند أحد المنازل حتى أشار الرجل إلى السائق الذي بجواره أن يقف، وهنا فتح باب السيارة بهدوء، ونزل، ثم وقف بطوله الفارع، وهو لا يكاد يظهر منه شيئاً وقد لف غترته بأحكام حول رأسه، وتلثم بطرفها، وغطى عينيه بنظارة طبية مظللة !
وأخذ يطرق الباب بطرف أصابعه طرقات خفيفة مع ضغطة سريعة على جرس الباب كما أعتاد ذلك·
وبعينين شبه مغمضتين نهضت سارة مفزعة، وأخذت تتحسس بيدها باحثة عن ساعة المنبه في وسط الظلام الذي أغرق غرفتها المتواضعة، وما أن أمسكت به حتى أنارت المصباح المجاور لسريرها الخشبي القديم الذي ابتاعته من حراج المدينة منذ سنوات·
مشاركات المستخدمين