أنت هنا
الأديبة الإيطالية داتشا ماراييني الأدب العربي محاصر في إيطاليا.. ولا نعرف إلا محفوظ وبن جلون
بدأت الكتابة وهي لا تزال في سن السادسة عشرة من عمرها, حيث ولدت في أسرة تشتغل بالأدب, جدتها تكتب الرواية, ووالدها متخصص في العلوم الإنسانية ويهوي كتابة أدب الرحلات.
ووجدت في مجلة مدرستها نافذة لنشر بواكير إبداعاتها قبل أن تتلمس طريقها للقارئ. ثم نشرت أولي رواياتها بعنوان الإجازة في عام1963 التي تعرفت الأوساط الأدبية الإيطالية من خلالها علي داتشا ما راييني ثم انطلقت كالسهم, تحت رعاية الأديب الكبير ألبرتو مورافيا الذي احتضن موهبتها وأخذ بيدها إلي عالم النشر لتبلغ رواياتها12 رواية كما تنوع إنتاجها ليشمل الشعر والمسرح.
وفي الآونة الأخيرة عرف القاريء العربي داتشا ماراييني لأول مرة بعد أن ترجمت روايتها ماريا أوكريا في مصر وكانت خير وسيلة تقدم بها نفسها كواحدة من أبرز أديبات إيطاليا وقد نالت إعجابنا ودفعتنا لإجراء هذا ا الحوار معها والذي تولت ترجمته د. نجلاء والي وهي أيضا مترجمة الرواية سالفة الذكر.
ماريا أوكريا بطلة الرواية الصماء البكماء لم تظهر كمعوقة حقيقية تثير عاطفة القاريء, لماذا وقع اختيارك علي هذه الشخصية بالتحديد؟
هناك منطقة بداخل الشخصية تطرق باب المؤلف وتدعوه للدخول إليها لتحكي له قصتها, وقد حدث ذلك عندما شاهدت صورة ماريا أوكريا في أحد القصور التاريخية التي تعود الي القرن الثامن عشر ولفت نظري أن هذه السيدة تحمل في يدها قصاصة ورق, فسألت عنها فقالوا لي إنها صماء وبكماء, ووفقا لما كان متبعا وقتها أمام هذه الحالة المعاقة أن يتم إيداعها المصحات العقلية, ولكن والدها أنقذها من ذلك المصير المحتوم, وعلمت أن الورقة التي تمسك بها كانت هي وسيلة التخاطب الوحيدة مع ذويها, وأنا لم أكن أرغب في أن يشعر القاريء بالتعاطف معها بقدر ما أريد أن أحكي عن شجاعة امرأة استطاعت أن تتحدي الإعاقة ولم تجعلنا أن نشعر أن الإعاقة تقف أمام حياتها كامرأة تنضج وتتزوج وتنجب وتربي ابنتها كأي امرأة طبيعية بل تهوي القراءة وهوايات أخري. لذلك أردت أن ينظر إليها القاريء بعين الإعجاب والتقدير فقط.
لديك العديد من الروايات التي تتناول قضايا المرأة المعاصرة, ألا ترين أن الدساتير الأوروبية المعاصرة قد وضعت حدا لمعاناة المرأة وضياع حقوقها؟
الفعل حدثت طفرة فيما يتعلق بحقوق المرأة في الأعوام الخمسين الأخيرة وتمثل ثورة بيضاء علي الموروث الاجتماعي وشوفونية الرجل, ولكن القوانين لا تغير الثقافة, والإحصائيات تؤكد أن دخل المرأة التي تنافس الرجل في جميع مجالات العمل يقل عن دخل الرجل بمقدار20%, كما تتحمل المرأة العاملة كل أعباء المنزل بما فيها تربية الأطفال في حين أن الرجل غير مطالب بأي عمل داخل المنزل, وأنا أسألكم: ألا تتطلب هذه القضايا اهتمام الأديبات؟.
كيف كان أول لقاء مع ألبرتو مورافيا وماذا يبقي منه بعد رحيله عن دنيانا؟
كنت معجبة بمورافيا مثل بقية جيلي وكنت أتمني التعرف إليه إلي أن جاءت الفرصة لما أردت أن أنشر أولي رواياتي, فلجأت إليه كي يساعدني في نشرها ونظرا لإعجابه بالرواية قفد كتب لها المقدمة, وقد استمرت علاقتنا15 عاما, وكان حقا أديبا ملتزما ولم يشعرني يوما أنه يقوم بدور المعلم بل ظل يتعامل مع جيل الشباب برقي شديد, يحاول أن يفهمهم ويتعلم منهم, وقد تعلمت منه الكثير وقمت بمرافقته في العديد من الرحلات إلي مصر التي كان شغوفا بها وكان معنا المخرج السينمائي بازوليني.
كما تعلمين أنه لدينا في مصر اهتماما بترجمة الأدب الإيطالي فماذا عن الأدب العربي في بلادكم؟
اسمح لي بأن أقول ان الأدب العربي المعاصر غير معروف في إيطاليا بشكل جيد فيما عدا بعض إبداعات نجيب محفوظ والطاهر بن جلون وأنا قرأت لهما ووجدت أن كتاباتهما رفيعة المستوي, ولكن المشكلة لدينا تكمن في وجود دار نشر صغيرة فقط هي التي تتولي توزيع الكتب العربية المترجمة, وهو ما يؤثر في اهتمام النقاد, لأننا للأسف نخضع لتحكمات الناشرين الأمريكيين الذين يفرضون سطوتهم علي عمليات النشر والتوزيع في إيطاليا, مما يضع العراقيل أمام الآداب الأخري التي تبقي في الظل رغم جودتها.