هكذا هي المرأة شاعرة في كل حركة من حركاتها، إيروسية في كل سلوكياتها، في اتكاءتها، في طريقة لبس وخلع ملابسها، في تمايلها، في كلامها، بل حتى في شكل موتتها، والعكس، أي كل شاعرة هي بالضرورة مشروع إمرأة تنفني جسداً وروحاً لتلتقي بشروط كمالها، إذا ما تجاوزت لغتها
أنت هنا
قراءة كتاب سادنات القمر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
إذا، هي لا تؤمن بنص خارج ذلك الإلحاح الإيروسي، مهما انتمت إلى قضايا وعناوين حقوقية، فالعالم بالنسبة لها مكان فائض الذكورة، وهو بحاجة إلى لمسة إستئناسية منبثة من شعرية الأنثوي، شخصية وعبر-جسدية بالضرورة، لأن جسدها هو عين صفاتها، فالمرأة التي تتقدم ناحية السرير متخففة من كل ملابسها عدا قلادة، كما تفعل البشتونيات مثلا، لا تقوم بفعل التعري الإغوائي بمجانية، بقدر ما تنجز فعلا شعريا بامتياز، على اعتبار أن القصيدة تفعل وتعاش، وقد تستحيل إلى نص مكتوب، يستحيل بفعل التراكم إلى خطاب لا تحدّه الألفاظ بل يتجاوز ذلك المؤطر العباراتي إلى دلالات فكريه، وفلسفة جمالية ليتأسس على مزيج من الصورة البصرية، والتمثلات الإيمائية، والتعبير الحركي.
هكذا هي المرأة شاعرة في كل حركة من حركاتها، إيروسية في كل سلوكياتها، في اتكاءتها، في طريقة لبس وخلع ملابسها، في تمايلها، في كلامها، بل حتى في شكل موتتها، والعكس، أي كل شاعرة هي بالضرورة مشروع إمرأة تنفني جسدا وروحا لتلتقي بشروط كمالها، إذا ما تجاوزت لغتها المختونة، وكفت عن تهريب ذاتها من النص.
هنا يكمن سر مصادقتها لأنا مقهورة، مستدعاة على الدوام في النص الشعري الأنثوي تحت مظلة لغوية من الكآبة الكثيفة، لمنع ذاتها من التداول، وللتجابه الحاد مع أنوثة باهظة تسلمها على الدوام إلى حس مفرط للإنجراح، وإلى نزعة مازوخية متأصلة تراها هيلين دوتش ضرورة لتطور الأنوثة عند معشر النساء بوجه عام.
إذا، قد تختصر الشاعرة المرأة، أو تستعير مستوجباتها الإنسانية خصوصا عند النظر إلى المكانة التي تطالها اللغة في المجتمع، وورطة علاقتها بمفهومي السلطة والأيدلوجيا، في عالم متشكل أصلا بالممارسة الإجتماعية، وبما هي - أي اللغة - خطاب أيضا تتبناه المرأة كشكل حضور، وكممارسة تتحرك داخل جدل البنى والمؤسسات الإجتماعية، أي كصيرورة اجتماعية متحركة، مشروطة بمتطلبات لغوية وأخرى من وراء نظامها أو خبراتها اللغوية، بمعنى أن نشاطها اللغوي ليس مجرد انعكاس تلقائي للممارسة أو شكل التناظر المبسط ما بين اللغوي والاجتماعي، إنما يمثل أحاريك حيوية لا تنفصل عن تلك الصيرورة.