كتاب "الأعمال القصصية الكاملة- المجلد الأول" يحوي القصص القصيرة، للكاتب المبدع والمناضل الفلسطيني محمود شقير، حيث يعتبر مالكاتب من كُتاب القصة القصيرة المتميزين كما وصفه القائد الفلسطيني الراحل توفيق زيّاد، أن قصص محمود شقير تمتاز عموماً بحب الناس، وبروح ال
أنت هنا
قراءة كتاب الأعمال القصصية الكاملة- المجلد الأول
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
طلعت عالتينة طلعت مطرحها
سبّتْ عليّ الله يفضحها
ويلك يا بنت عينك ما ابرحها
في بطنك ولد طالع له سنونا..
غاصت في قلبه شبرية، وواصل سيره: الملعونة فضحت حالها وما هي خجلانة، وتنزل إلى الحارة وتقاتل الناس، وماذا تقدر أن تفعل! دم قلبك دفعته حتى استطعت أن تتزوجها، وإن طلقتها فمن يخبز لك لقمة الخبز! من يرعى أطفالك ويحرص على بيتك، ومن طلعتها حتى غيبتها وانت تركض وراء لقمة السم.
انسرب عبر الزقاق.. كان رجال يجلسون أمام دكان، وآخرون يقفون قرب جدار، وصوت المختار يلعلع، والآخرون يهزّون الرؤوس مجاملة.. رمى عينيه في الأرض، ولم يطرح السلام على أحد، كان يحسّ عيوناً حادة كالإبر تخترق جلده.. خيم صمت على الزقاق، وليس ثمة إلا خطواته الواهنة، وأغنية نائحة تنطلق خافتة من مذياع. اندسّ في الزقاق الفرعي المؤدي إلى بيته.. ولم تعد الإبر تلسع بدنه: خلّيهم يحكون ما يريدون.. والله لا أقدر اقتل ولا أضرب.. والشرف والشهامة والرجولة، خلّيها لهم.. والله ما ظل شهامة ولا هواء.
صفق باب الحوش وأبصره أطفاله.. انطلقوا صوبه في براءة وعيونهم تأكل الكيس، انخلع قلبه حينما تعلّقوا به في خفة وجذل، كانت عزيزة تتربع في وجوم.. انتشر صمت خانق، وانطرح ساعات يتفكر مجهداً محموماً.. بالأمس، حينما عاد من المدينة في المساء، كان أهل البلد يطبّلون ويتحدثون عن عزيزة.. لم يجد له لساناً ليسألها عن تفاصيل ما حدث.. وها هو اليوم يعود مبكراً من المدينة، ويتابع زوجته في حيرة.. وكلما همّ بإلقاء سؤال عليها عاد وانكمش، كان يبحث عن خيط واهٍ يستند إليه. ليخفّف من حدة الإبر التي تلسع جدار قلبه، وأخيراً، انحلّت عقدة لسانه:
- يا امرأة.. احكي لي الصحيح، جرى بينك وبينه شيء؟
أحست بالندم، وأشفقت عليه، رغم أنها كانت ترى فيه تجسيداً للشقاء والتعاسة، وياما لعنت أباها الذي أغصبها على الزواج منه. قالت بصوت خافت يدل على البراءة:
- خاف من الله. ماذا جرى لك انت الآخر!
توسل إليها أن تقصّ عليه ما حدث.. وزاد إشفاقها عليه حينما لمحت العجز عن فعل أي شيء يطل من عينيه.. قالت:
- قوم اغسل رجليك.. وسوف احكي لك.