كتاب " فيو ضواحي الذات"، إذا كان هذا الكتاب هو الأول في سيرة الكاتب الأدبية، فهو ليس كذلك في سيرته المهنية، إذ سبق له أن ألف كتبًا في مجال التربية، وحتى عندما قرأتُ هذه المؤلفات لمستُ فيها تلك المسحة الجمالية التي تخفف إلى حد كبير من وطأة الرياضيات وجمودها،
قراءة كتاب في ضواحي الذات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
فالبحر عدا عن كونه حيزا مائيا، هو أيضا مكان مُسربل بالشاعرية ضاجّ بالموسيقى مفعم بالأحاسيس والانفعالات، والصورة التي تتدفق من النص هي مصدر لذّة القراءة، بما تستدعيه من خيال تحركه الكلمات في سياق اشتغالها داخل النص وليس خارجه، إنني أعتقد أن لذة القراءة تكمن في النص، وهذه اللذة تنسرب إلى القارئ عبر اللغة وارتعاشاتها وممكناتها الجمالية، وقدرتها التصويرية.
في النص الثاني «من نافذة الليل القديم.. الآن أطللت» ينهض السرد على ثيمة الليل، الليل المحمل بوشوشات القمر ورحيل النجوم، هذا النص هو سيرة ذاتية تؤرخ لطفولة الكاتب وذكرياته مع الليل، نص حلمي مفتوح على السماء وجماليتها، حيث النجوم والكواكب كائنات في متناول اليد تحزن وتفرح وتغضب، بحسب مزاج العين التي تراقبها.
في نص: «مدينتي على جناح العاصفة» يَستحضر الكاتب شوارع رام الله المؤبدة بالحنين، مرة بمسمياتها الحقيقية وكما هي في الواقع، وأخرى بما تعنيه له من ذكريات شخصية، فكل شارع من هذه الشوارع اكتسب اسما خاصا، وما بين الاسمين انبنت التجربتان، الحياتية أولا، والأدبية التي أعادت سردها ثانية بعين اللحظة الراهنة، وبنظرة استرجاعيّة لماضي هذه الشوارع المحفوفة بالغياب والمشجرة بالحنين والظليلة بالذكريات الغافية.
على هذا النحو، تتوارد بقية النصوص مؤرخة لشوارع رام الله وأشجارها وضبابها الذي يبتلع الذكريات والألوان المحملة بالعطش والدفء والمحبة.
الشجر: يا له من شجر! كل سروة تهمس بذكريات من غابوا، وعلى أغصانها الوارفة تنام ذكريات العابرين.
الضباب: يحجب النظر، ويعمق الرؤيا ويستحضر من غابوا في دهاليز الذاكرة.
الألوان: مفعمة بالأحاسيس والانفعالات:
الأصفر المُرمَّد: أول حزنٍ في الغياب.
الأخضر: لون التسامح والوئام.
الزيتوني: أول شعور بالفداء.