كتاب "مقدمة وقصائد" ظهرت الطبعة الأولى لهذه القصائد في بغداد سنة 1972· وكنت قد اخترت، على الأقل، قصيدة واحدة من كل مجموعة من مجموعات لانكستون هيوز· ويقول مترجم الكتاب ومعده د.
أنت هنا
قراءة كتاب مقدمة وقصائد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
أنا زنجي
أسود، أسود كالليل،
أسود، أسود كأعماق افريقياي·
لقد تأثر هيوز، كما كنا نتوقع، بالشعر الزنجي الأمريكي، وخاصة بشعر بول لورنس دنبار Paul Laurence Dunbar ولكنه في الوقت نفسه تأثر بشعراء آخرين، سواء كانوا أمواتًا أو معاصرين له، أمثال لونكفلو ِِLongfellow، ووالت وايتمان Walt Whitman، وكارل ساندبرك Carl Sandberg، وأيمي لويل Amy Lowell· ومن الممكن أن نجد لآراء هؤلاء الشعراء ولفتاتهم وأساليبهم أصداء قوية في شعره·
يمتاز شعر هيوز من الناحية التكنيكية بقصر جملهِ وقوتها، وشعره دائما يثير الخيال الإنساني، ويهمس بصورة جميلة تارة وبشعة تارة أخرى، ولكنه يؤديها بشيء من الفهم والمجاوبة وحتى العطف· وهو يغلف كل ذلك بموسيقى ساحرة، ومن ذا الذي يعرف الانفعال بالموسيقى كما عرفه هيوز؟ إننا نكاد نحس أنه كان يعتقد اعتقادًا جازمًا بشعار الموسيقى قبل كل شيء ومما يدل على ذلك كتابته لعدة قطع شعرية قصيرة للأطفال الذين هم أكثر الناس تأثرا بالهارمونية العفوية، والإيقاع الرتيب· وفي تجربته الشعرية يكاد هيوز يتمثل بالنجّار تمامًا، يدق مسامير الكلمة على خشبة العواطف دقًًا مدركًًا، ماهرًا فنانًا·
والقارئ لشعر هيوز يحس حالا ببساطة في تراكيب جمله، وبأن شعره في الأساس يعتمد على البساطة في الأداء، والبساطة في الموضوع، متوقعًا البساطة من القراء، الطرف الثاني في تذوق التجربة الشعرية· وشعره مع ذلك تنطبق عليه صفة السهل الممتع
ومما يجدر ذكره أن هيوز من الأوائل الذين قرأوا الشعر مع الجاز، وأحكموا أداءه· ففي شعره تتآصر الكلمة والموسيقى والصوت والدراماتيكية، لتخلق جوًا مؤثرًا ينبض بالرقة والحب والإيمان بعدالة الإنسان النهائية، وبالاحتجاج، والغضب، والثورة· ومن الطبيعي أن يتطور شعر هيوز من ديوانه الأول الأحزان المتعبة (1926)، الذي وصفه دونالد دكنسون بأنه كابريه الحياة، إلى شعر الكفاح، والتحدي، والثورة، الذي كتبه بالأربعينيات، إلى شعره الناضج، المدرك، العميق الفلسفة، الذي كتبه في الخمسينات والستينات·
لقد أحب هيوز هارلم البقعة التى اختار استيطانها من نيويورك طيلة حياته الدائبه المنتجة حتى وفاته في مايس من سنة 1967، حبًا ليس فوقه حب· نعم، أحب هارلم وكل ما فيها، مسارحها، كاباريهاتها، دكاكينها، شوارعها، اطفالها· ونحن نجد ذلك واضحا جليا في شعره· ففي حنايا قصائده تجد واقعية تجرها نحو الحياة دراماتيكية ساحرة، مستقاة من تجاربه في هارلم أولا، ومن تجاربه الحياتيه الاخرى ثانيًا·