كتاب (إسماعيل فهد إسماعيل...
أنت هنا
قراءة كتاب إسماعيل فهد إسماعيل.. كتابة الحياة وحياة الكتابة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
إسماعيل فهد إسماعيل.. كتابة الحياة وحياة الكتابة
الصفحة رقم: 1
تحية عرفان
لا أدري شكل الحياة التي كان من الممكن أن أحياها لولا تدخل إسماعيل فهد إسماعيل في رسم طريق حياتي· أنا متأكد من أنها كانت ستكون حياة أخرى مختلفة عن حياتي اليوم· كنت أنظر لإسماعيل بعين التميّز، وكنت أنظر إليه بعين الإعجاب، وكنت أنظر إليه، وأنا لم أتجاوز الثانية عشرة من عمري، بعين الإنسان المغاير مقارنة بأقربائي، رجال عائلتي لأمي·
ربما دون سابق تخطيط من إسماعيل، وبرغبة بريئة مني، قدم لي نصيحة صغيرة:
أقرأ
حينها لم يكن في بيتنا كتاب واحد للقراءة· فلا والدي ولا والدتي، يرحمهما الله، كان لهما صلة بالقراءة والكتاب، باستثناء القرآن الكريم الذي ما انفك أبي يقرأه، خوفاً وطمعاً، كونه يعمل إماماً للمسجد الصغير الملاصق لبيتنا·
أي نصيحة صغيرة تلك التي قلبت حياتي؟ أي نصيحة ماكرة تلك التي نثرت على رأسي نجوم الدنيا الملونة؟ وأي تدخل صغير لأبي فهد، وضع رجلي على طريق عجيبة، قلبت حياتي رأساً على عقب؟ فمنذ عرفت قراءة الكتب، اكتشفت طُرقاً أخرى لحياة مختلفة لا تشبه إلا نفسها· طُرقاً أخذتني لدروب تحفّ بها حيوات ناعمة ومشتعلة وصاخبة ومجنونة، دروب تشغل صاحبها عن نفسه، ولا تبقي له إلا المشي على ترابها الزعفران·
القراءة، بنصيحة إسماعيل فهد إسماعيل، قادتني لاحقاً إلى الكتابة، وهكذا اكتمل طوق النار من حولي· أغطس في بحيرة مياه القراءة اللذيذة، وأخرج لفترة أستريح على ضفاف الكتابة· وكيف لي وأنا الذي كُتب عليه أن يعيش صيوفاً حياتية دائماً ملتهبة، أن أترك بحيرة القراءة، وضفاف الكتابة وارفة الظلال، وأولّي وجهي لغيرهما؟
وحدك يا أبا فهد دون أن تدري، ودون أن أعرف أنا رسمت لي درباً مليئة بالأسرار، وتبعتك أمشي على جمر ترابها· وحدك تدرك أنك حين تكون مخلصاً للكتابة، وحين يكون قلبك معلق بها، فهذا يعني، ضمن ما يعني، أن تكون مخلصاً ومطحوناً بحياة أخرى، حياة مجاورة، غير حياة البشر الذين يحيطون بك، وكم هو مغري ومؤلم ذلك؟
إسماعيل، أكتب كلماتي هذه تحية لك· أكتب كلماتي هذه كي أرد لك بعض دَينٍ طوقتني به· أرد لك هدية طالب لمدرّس، وأي هدية تلك التي تعادل علم سيظل معي إلى أن يشاء أمر الله؟
طالب الرفاعي
الكويت - يوليو/تموز - 2008