أنت هنا

قراءة كتاب أحلام الياسمين في زمن الرخام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أحلام الياسمين في زمن الرخام

أحلام الياسمين في زمن الرخام

تمزج رواية الدكتورة آية عبدالله الأسمر "أحلام الياسمين في زمن الرخام"، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، بين الحب والمشاعر الانسانية والواقع السياسي والاجتماعي في عالمنا العربي.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3
كانت سوسن تتحدث إلى أحلام بشغف كبير وسعادة غامرة، خاصة أنها لم تأل جهدًا في التحضير لهذه المحاضرة، ولم تترك بابًا إلا تطرقت إليه بإسهاب، ولم تتخيل سؤالاً إلا حضرت له إجابته مسبقًا، وفي صباح اليوم التالي، وبعد أن انتهت من صلاة الفجر، قرأت سورة يس طالبة من الله العون والمساعدة، فكان توفيق الله·
 
أما أحلام التي كانت تنصت إلى صديقتها باهتمام كبير، أحست بعدوى السعادة تنتقل إليها، بل شعرت بالفرحة والراحة والطمأنينة، إذ إنها أدركت أن سعادة سوسن هذه وتوفيقها سيساعدانها فيما بعد، لأنَّها تدرك أنها على حافة الانهيار·
 
تنهدت سوسن بعينين مشرقتين مزروعتين بسنابل الأمل والسعادة، كانت تشعر في تلك اللحظات أن العالم بلا حدود، وأن الطموح بلا قيود، وأن المستقبل أمامها أضحى ميدانًا فسيحًا، وما عليها سوى الجري والجري بكل ما أوتيت من قوة وعزم وإرادة وإيمان، تنهدت سوسن وتناولت طبق السلطة وأخذت تأكل منه وهي تسأل أحلام عن أحداث يومها:
 
* جاء دورك الآن ها· ماذا فعلت اليوم؟
 
تنهدت أحلام بعينين ضبابيتين أحرق سنابلهما التعب والحزن والملل، ثم أجابت: لا شيء جديدًا، بعد محاضرة الدكتور سمير الشبابيني خرجنا جميعًا نلعن الوساطة وأبا الوساطة، التي مكنت رجلاًَ مثل هذا الرجل من الوصول إلى منصبه هذا لنتحمل نحن وحدنا تبعات جهله واستهتاره وغبائه·
 
* ولكن، ألم تخبريني أنكم أرسلتم شكوى باسم الدفعة لعمادة الكلية؟ ألم يفعلوا شيئًا؟· سألت سوسن·
 
بالطبع فعلوا، اتهمونا بالإهمال والتقصير، وأعطونا دروسًا في أخلاق الطالب وواجباته وحتمية احترامه لأساتذته، بل إن فصل تامر ونهال من الكلية كان عقابًا لهما لكونهما المحرضين الأساسيين لرفع الشكوى، وتحذيرًا لنا من أي محاولة جديدة· أرأيت ماذا فعلوا وكيف استجابوا!!؟؟·
 
* ومتى تم فصلهما؟؟
 
أجابت أحلام بصوت ملغوم بالقهر والظلم، ومذبوح على أرصفة السخط والغضب:
 
بالأمس، بالأمس فقط أعلن رسميًا عن فصلهما، وشكوكنا جميعًا تدور حول أحمد، أحمد اللورد، أخبرتك عنه مرارًا، ولم لا؟ فالطيور على أشكالها تقع، فهو مثل دكتور سمير، كلاهما استخدم نفوذه للحصول على ما يريد، دكتور سمير استخدم منصب عمه الوزاري بدل الاعتماد على الأبحاث والدراسات، وأحمد كان يعلم منذ صغره أن منصب والده في الحكومة يهيء له - دون أي تعب أو جهد - مقعدًا دراسيًا في الجامعة، فلم يشغل باله بمستوى تحصيل علمي أو تفوق أكاديمي، وقد كان دائمًا من أوائل المدافعين عن الدكتور سمير بل والمتملقين له، فهو يعلم أن اسمه وحده كفيل بأن يمنحه النجاح عند أمثال هذا الدكتور وبتقدير جيد أيضًا، ولقد كان هو وثلة أصدقائه وصديقاته ممن وجدوا بيننا، بالطريقة نفسها، يتململون من ضيقنا بالدكتور سمير، وبعدم قدرته على إيصال المعلومة لنا لأنَّها غير موجودة عنده أصلاً·
 
وأتبعت كلامها بآهتين زفرتهما من أعماقها المتعبة العاجزة، عن استيعاب عالم يصر على السير إلى الوراء وقوفًا على اليدين بقدمين في الهواء·
 
* لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله· أخذت تحدث سوسن نفسها·
 
لم ترغب أحلام في الاستسلام لسحب الكآبة التي بدأت تتجمع في فضاء الغرفة، فواصلت بصوت محايد ونبرة عالية بعض الشيء:
 
بعدها ذهبت إلى دائرة الكهرباء ودفعت الفاتورة ثم فاتورة الهاتف، ومنه إلى دائرة الأحوال المدنية لتجديد هويتي الشخصة، وكالعادة كدت أتشاجر مع الموظف هناك لوقاحته، لا أدري متى سيتخلى العالم عن منظاره الجنسي الشوفيني الظالم؟ وسيبطل قول يوسف إدريس: جسد المرأة هو المرأة وعقل الرجل هو الرجل!·

الصفحات