بين اللاشعور وأعماق الوعيّ الوجودي تحاول الكاتبة العمانية زوينة الكلباني من خلال روايتها "ثالوث وتعويذة" رسم لوحة مشبعة بالألم الداخلي الذي يتغلغل في الذات الإنسانية، ومحاولة البحث عن ماهية الوجود من خلال التعمق في إشكالية ظلت مستعصية منذ الحقبة الأولى للوج
قراءة كتاب ثالوث وتعويذة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
مد يده عارضًا علي جواله لمهاتفة صديقتي····
ما زلتُ أسيرة الحدث، فتحتُ قائمة الأسماء في هاتفي وأخرجتُ رقم فاطمة·· كان هاتفه معقدًا أشبه بلوحة مفاتيح الكمبيوتر ومع ارتباكي تخبطت أناملي بين أزراره···
أعدتُ إليه جواله، وأمليت عليه الرقم فاتسعت حدقتاه وهو يدقق في الأرقام·· رفع حاجب عينه دهشًا، وضحك ضحكة خافتة، ثم قال:
- صدفة عجيبة·· !!
نظرتُ إليه باستغراب·· فتابع:
- إنه رقم خالتي فطيم·· أتكون صديقتك التي جئـت لزيارتهــا؟!
تبدد العجب وذابت الدهشة·· لا وجه للغرابة !! إذن أنت إماراتي - من ريحة الغالية·· لن أشك في نواياك ما دمت تنتمي لعائلة صديقتي·· فأنا في أمان·· ·· فاعذرني·· هذا ما دار في خلدي··
تحدث إلى فاطمة أخبرها بوصولي وبرقم البوابة، بعدها صفق بكفيه في الهواء وقال:
- فديتها الغالية، أكيد الحين تضرب أخماس بأسداس·· تبغي تعرف السالفة··· !!
صديقتي فاطمة أربعينية العمر خليجية في كل تفاصيلها بعباءتها وعبق البخور والعود المعتق الذي يفوح منها، دومًا أنيقة·· أقبلت نحوي·· تعانقنا بحرارة، وهي تقول :
- يا هلا والله بأهل عمان··
التفتت إلى سعود، قبلته على خديه، وهي تقول:
- أموت وأعرف كيف التميتوا(3) على بعض·· ؟!
ابتسم قائلا:
- من محاسن الصدف، وإن بغيت التفاصيل اطلبيها عند نورة، ثم ودعنا وانصرف·
كعادتها فطوم ودودة وجميلة تأسر العقل بطيبتها وحفاوتها··· كم أحب هذه الفتاة وأرتاح لصحبتها برغم البون الشاسع فيما بيننا في الطباع·· أنا هادئة وميّالة إلى الصمت·· أهرب من الغرباء وأخشاهم وهي ثرثارة لا تكاد تهمد·· متحدثة لبقة، لها حضورها الاجتماعي وجاذبيتها·· تجيد قراءة البشر بشكل عجيب، وكأنك أمام محلل نفسي·· شيء ما جمعنا وما زال·· ربما الوجع ! حياتها عناقيد من المفارقات الموجعة، هي أرملة·· نعم أرملة·· ! يا له من لقب كئيب··!
لم تحسب يومًا أنها ستتقلده باكرًا··· توفي زوجها منذ عشر سنوات، في العام الثاني من زواجهما·· قصتها كما سردتها لي·· زميل لها في العمل تكبره بأعوام كثيرة، فُتِن بها لحد الجنون، ولم لا يهيم بها وهي كتلة عطاء متحركة ؟! قال لها:
- لا معنى لوجودي إذا لم أقترن بك وأسري في روحك!