أنت هنا

قراءة كتاب يمامة الرسام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
يمامة الرسام

يمامة الرسام

  "يمامة الرسام" مجموعة قصصية للكاتب العراقي علي عبد الأمير صالح، صادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2010؛ نقرأ منها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1
لعبة شطرنج
 
سُرق تمثال الملك· سُرق ذات ليلة غريبة من ليالي آذار (مارس)، حين هبت عاصفة هوجاء لم تُبقِ شيئاً على حاله· انهارت بيوت الفقراء الطينية، وطارت أكواخ الصفيح، واقتلعت الأشجار واندلعت الحرائق في الغابات الكثيفة الواسعة·
 
وفي الحال صدر بيان ملكي بغلق الحدود مدةً لا تتجاوز ثلاثين يوماً، بغية التحري عن التمثال المسروق واكتشاف فاعلي هذه الجريمة البشعة، التي لا يمكن أن تمر من دون قصاص عادل·
 
أُغلق المجال الجوي، واضطرت شركات الطيران إلى تغيير مسار رحلاتها الجوية، كما أُعطيت تعليمات صارمة إلى خفراء السواحل لمراقبة البواخر والزوارق ومنعها من اجتياز المياه الإقليمية، خشية تهريب التمثال إلى الخارج·
 
وُضعت مقرات الجيش والشرطة في حالة إنذار شديد، وتأهبت أجهزة سرية أخرى لا يعرف اسمها إلا الله لخوض المعارك الدامية دفاعاً عن الملك·
 
كنت في الثالثة من عمري، حين أخذتني أمي إلى حفل إزاحة الستار عن أول جدارية للملك في مدينتنا (الملك، للعلم، كان يكره التماثيل في البداية)· كان حشداً جماهيرياً هائلاً، أُطلقت فيه العيارات النارية، رفرفتْ فيه الأعلام الحمر والزرق والخضر، وتعالت فيه زغاريد النسوة·· وحين أُزيح الستار عن الصورة الكبيرة الملونة في الساحة الرئيسة للمدينة، شرعت الفرق الموسيقية تعزف موسيقاها الصاخبة، وانطلق الفتيان والفتيات يرقصون مرحين نشوانين على أنغام الطبول والأبواق والدفوف·
 
وذات يوم حين كنت ذاهباً إلى دار السينما، قادني فضولي للاقتراب من الساحة التي تنتصب فيها جدارية الملك، وإذا بشرطي ضخم البدن، ذي وجه أحمر منمش، يشدني من أذني اليمنى ويهتف بي مزمجراً: إلى أين يا ابن العاهرة؟!
 
ما الذي كنت أروم معاينته، يومذاك، عن كثب· لا أدري· كنت صبياً مغفلاً، مهمل الشعر، تشققتْ أثوابه جراء تسلق نخلات الجيران، مغرماً بالأفلام السينمائية· أجمع قطع النقد التي يهبني إياها والدي كي أوفر تذكرة السينما·
 
كان البلاط الملكي يضمر حقداً شديداً للفنانين، رسامين كانوا أم نحاتين، لأنهم رفضوا مرات كثيرة صنع تمثال للملك أو رسم صورة زيتية له ولعائلته، على غرار ما فعله ملوك أوربا، تظهر فيها زوجته صاحبة أغلى حذاءين ماسيين في العالم، وابنته التي تقضي نصف وقتها في باريس مرتديةً معطفها المنك الشهير، ونجله القزم الذي يهوى صيد الغزلان·

الصفحات