أنت هنا

قراءة كتاب شتاء العائلة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
شتاء العائلة

شتاء العائلة

رواية "شتاء العائلة" للروائي العراقي علي بدر؛ وتصوّر هذه الرواية تهدم وانهيار الطبقة الأرستقراطية البغدادية في الستينات والسبعينات بعد اندلاع الثورة، وذلك عن طريق قصة حب سيدة في الأربعين من عائلة ترتبط بالبلاط الملكي المنهار، فترفض الانخراط في الحياة الجديد

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
كانت عمتي تظن بأن الحب قائم في شيء آخر، أقصد في حياة أخرى، وليس بعد واقعة الغرام من توبةِ أو ندم، لم يكنْ الحبُ يوماً عقلانياً أبدا، ومن حظه أن له حسنات كثيرة، يجب أن لا يخلط مع التطفل أو الفضول، إنه مرضٌ له حسنات كثيرة، لا يمكن لأحدٍ تفسيره على الإطلاق، وهذه الطريقة الوحيدة التي تكتسب فيها الأشياء معناها، إلا أنه يكتسب معناه من الحياة مثلما يكتسب الحديد بعد مرور الزمان الصدأ·
 
عمتي تقول:
 
(نتوهم أننا اكتشفناه في الألبومات وعلب التبغ، وما تبقى ليدلّ على غياب الآخر، ولكن هذا الأمر سخيف بالنسبة لي، لأننا نكتشفه في الذكرى الخالصة تماماً، أبداً من غير أشياء أو أدوات، ثمة ذكريات نتركها لنعود إليها لاحقاً، لكنها لا تنتهي، لا تنتهي أبداً، كل ذكرى تفترض لغتها الخاصة) وكما لو كانت العمة تجاوب صدى ذكرياتي، نظرت نحوي، ومن ثم حوّلت نظراتها إلى الرقعة الحمراء لبتلات الأكرسون وأشارت بيدها البيضاء المختصرة بالخاتم الألمازي الصغير:
 
- (انظر·· كانت تحبها كثيراً·· هذه البقعة الحمراء·· وبعد زوال الأشخاص نكتشف أهمية الإشارة· وهكذا كان مصباح علاء الدين يذكرني بعالمها الصغير)·
 
ثم قالت وفي حلقها غصة:
 
- (أنا تعيسة)، قلت لها: (ألا أستطيع أن أفعل لك شيئاً)·
 
- (لا·· لا تهتم بي كثيراً، لقد عشت· وهذا كل ما في الأمر· ولكن بعد تجربة الحب، الحب القاسي تجد أنك لم تعش الحياة كما ينبغي· وفي الوقت ذاته تشعر أنك عشتها بامتلاء لا يناظره امتلاء· إنه وهم لا غير، مجرد شعور·· أحياناً وأنا أصغي لصوت طائر المقو، أتذكر كل شيء، أستعيد كل التفاصيل الحميمة بحسرة كبيرة· أتخيل أنني أحيا الحياة مرة أخرى وأغير التفاصيل بصورة أفضل، لأجد نفسي معها·· معها هي·· أو معه هو·· لأن غيابهما هو الذي أورثني كل هذه التعاسة)·
 
وانغمست في صمتها مرة أخرى، ثم أخذت تتطلع بعينيها السوداوين من النافذة·
 
- (حين تحب، كأنك تريد سلماً أو أرجوحة لتطير، كأنك تريد أن تتجمد في الفراغ وأنت تقفز، ثمة فكر يجعلك تنطلق، ولكن بعد غياب الآخر يتحول الحب إلى صمت، صمت قاس ومعذب، وأنا أتأمل في ظلي أدرك جيداً أن كل ما كان لا بد أن يكون)·

الصفحات