في رواية "نبوءة فرعون"؛ جاءها المخاض في ليلة كانونية مظلمة، فولدته على سجادة تغطي الأرض في غرفة النوم، وقطعت حبل الخلاص بيديها على ضوء لآلة مكسورة زجاجتها متروسة بالسخام، فلم تر وجهه النوراني النحيف جيداً في تلك اللحظة العصيبة، ولا رآه أبوه منصور الذي كان
قراءة كتاب نبوءة فرعون
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
جاءت له أمه بقرص من الخبز الحار وقالت له كله ريثما يجهز الغداء، فراح يقرأ المقام ويغني:
أقول وقد ناحت بقربي حمامـة أيا جارة لو تشعرين بحالـــي
أيا جارة ما أنصف الدهر بيننــا تعالي أقاسمك الهموم تعالي
ناي أخت ملائكة طرقت الباب بعد قليل طلبًا للخبز، ثم دخلت وقت العصر ومشت تحت دالية العنب·· وظلت تمشي وتمشي وتمشي وتمشي·· إلى أن أصبح عمر يحيا خمس سنوات، وبلقيس خمسًا وثلاثين، وهنية ستًا وخمسين· قالت لها (ناي):
- ألا زلت تخبزين يا خالة؟
فأخرجت هنية ركبتها وراحت تئن وقالت:
- إنها تؤلمني·· الروماتيز سوف يقتلني·
فقالت ناي ليحيا:
- ألا زالت هذه المرآة معك؟
ضحكت بلقيس وقالت:
- انكسرت من زمان، فلففناها له بضماد·
تجاهل يحيا صوت المرأتين ثم أخرج لسانه للهواء وتمتم بأصوات غير مفهومة، فقالت ناي:
- المسكين بعده أخرس·
فقالت بلقيس:
- سقيته فوح التمن ودرتُ به على الشيوخ والأولياء الصالحين، ويوم أمس فقط أخذته إلى شريعة النهر في خضر إلياس ومن هناك إلى عين ماء علي في جامع براثا·· يقولون إنها تشفي الأطفال من الخرس·
- ترى لماذا تأخر إذن في الكلام؟
فقالت بلقيس:
- أرضعته وأنا مغثوثة·· يقولون إن هذا هو السبب·
أدار يحيا لهما ظهره ثم رفع المرآة ونظر إليها وتثاءب، فانغلقت عيناه بقوة ثم انفتحتا وظل ينظر وينظر وينظر ويبتسم إلى أن خرجت (ناي) ومعها أقراص الخبز الذي، بالرغم من لونه الأسود، كانت تعط منه رائحة طيبة · وقبل أن تصل إلى الباب صاحت بها بلقيس فجأة وقالت:
- انظري·