يعد هذا الكتاب مرجعاً مهماً في مجال الدراسات الأدبية والنقدية فهو يستقرئ جهود الفلاسفة والنقاد في حقل النظريات الأدبية منذ ما قبل الميلاد وحتى العقود الأخيرة من القرن العشرين، ويعالج حدود التماس بين الأدب-فن الأدب وبين الفنون والعلوم الأخرى، فينظر إلى العلا
أنت هنا
قراءة كتاب في نظرية الأدب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
مقدمة
هذا الكتاب مجموعة من المحاضرات التي ألقيتها على طلبتي في جامعة قسنطينة، ولعل ما دفعني إلى نشرها الشكوى المستمرة من قلة المراجع في مادة نظرية الأدب بالتحديد، وهي شكوى لها مسوغاتها، فالمكتبة العربية فقيرة في هذا النوع من الدراسات ولا يوجد باللغة العربية سوى كتاب نظرية الأدب لرينيه ويليك وأوستن وارين وقد ترجم في بداية السبعينيات، وهو في جوهره محاولة تأصيلية واعية لجهود مدرسة الشكليين الروس، وكتاب آخر بعنوان مقدمة في نظرية الأدب للأستاذ الدكتور عبد المنعم تليمة وهو محاولة رائدة استفدت منها كثيراً·
لهذا فقد توخيت في هذا الكتاب أن يكون سهلاً بسيطاً، وقد ابتعدت تبعاً لذلك عن الاستطراد في طرح الجانب الفلسفي لكثير من القضايا·
أما بعض القضايا التي لا تفهم إلا بالعودة إلى أساسها الفلسفي فقد آثرت عرضها بشكل مبسط مختصر· غير أني لم أشأ تقديم المادة إلى القارئ بشكل جاهز دون بذل أي جهد من جانبه لإيماني بأنه المحور الأساسي في أي عملية تربوية أو ثقافية·
وقد حاولت في البداية أن أبين التمايز والتداخل بين ميادين نظرية الأدب والنقد الأدبي وتاريخ الأدب، ثم عرضت للنظريات الأدبية ثم إلى نظرية الأنواع الأدبية وهو ما دفعني إلى الحديث عن قضية التطور في الأدب، وبعد ذلك عرضت لعلاقة الأدب بالأيديولوجيا، وعلم النفس، وعلم الاجتماع ثم أفردت محوراً للحديث عن البنيوية على اعتبار أنها تمثل اتجاهاً جديداً وتقدم فلسفة جديدة للأدب، مستندة إلى معطيات علم اللغة العام· وأخيراً كان لا بد من الحديث عن نظرية الأدب في التراث العربي·
غير أنني لا بد أؤكد هنا بأن محاور الكتاب تعرض لجهود الفلاسفة والنقاد في مجال نظرية الأدب، بدءاً من أفلاطون وأرسطو مروراً بووردزورث وكوليردج وبرادلي وكروتشيه وإليوت، وبليخانوف ولوكاش، وسيموند وسبنسر وبرونتيـير وفرويد ويونغ وأتباعهما وفيكو ومدام دي ستال وهيبوليت تين وتولستوي وإسكارابيه، وانتهاءً ببارت وتودوروف وسوسير وجولدمان، إضافة إلى جهود نقادنا القدامى أمثال الجاحظ والمعري وابن سينا والفارابي وقدامة بن جعفر وابن طباطبا وحازم القرطاجي وغيرهم، ولا شك بأن الوقوف عند قضية من القضايا المثارة أو عند علم واحد من هؤلاء الأعلام قد يتطلب مؤلفات بحالها، ولهذا فإن المحاور التي يتضمنها هذا الكتاب، والتي أقدمها بين أيدي القراء، ليست إلا إضاءات على هذه القضايا العديدة، وقد آثرت الاختصار في الموضع الذي رأيته يحتاج إلى ذلك ثم أسهبت قدر الإمكان في مواقف وقضايا أخرى·
وسيجد القارئ أنني لم أكتف بالعرض والترتيب والتنسيق والتوثيق (وهو جهد قد لا يقدره إلا من احترف الكتابة) وإنما حاولت التعليل والتعليق والربط والمقارنة كلما اقتضت الضرورة·
وقد أردفت محاور الكتاب بمحور تضمن نصوصاً في نظرية الأدب، وقد أكثرت منها متعمداً لعلّها تفيد في إلقاء أضواء على القضايا التي عالجها الكتاب، كما قد تكون معيناً للأساتذة في حصص التطبيق خاصة·
وأخيراً فإنني أقدم شكري وامتناني إلى طلبتي في جامعة قسنطينة للأعوام الدراسيـة 1982/ 1983/ 1984 الذين استفدت من محاوراتهم ومناقشاتهم وأسئلتهم· كما أتقدم بالشكر لكل الزملاء والأصدقاء الذين أمدوني بملاحظاتهم وكتبهم·
وأخيراً آمل أن يستفيد القراء والدارسون بهذه المحاور التي قمت بصياغتها على أمل أن تجيب عن بعض الأسئلة، وأن تفتح الباب في الوقت نفسه أمام تساؤلات كثيرة·
د· شكري عزيز الماضي