يعد هذا الكتاب مرجعاً مهماً في مجال الدراسات الأدبية والنقدية فهو يستقرئ جهود الفلاسفة والنقاد في حقل النظريات الأدبية منذ ما قبل الميلاد وحتى العقود الأخيرة من القرن العشرين، ويعالج حدود التماس بين الأدب-فن الأدب وبين الفنون والعلوم الأخرى، فينظر إلى العلا
أنت هنا
قراءة كتاب في نظرية الأدب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
أفلاطون 427- 347 ق·م
تحدث أفلاطون عن فن الشعر في كتاباته التي جاءت على شكل محاورات، وأهمها (أيون) (الجمهورية) (القوانين) ولم يخصص أفلاطون كتاباً مستقلاً يعالج فيه الظاهرة الأدبية الفنية· فآراؤه حول الأدب تستقى فحسب من هذه المحاورات· ومع أنه خصص جزءاً كاملاً من الجمهورية هو الكتاب العاشر، الذي يتحدث فيه عن الأدب والفن، فإن كل كتاباته حول حقيقة الأدب وأثره إنما كانت تأتي عرضاً وتهدف أساساً إلى تبيان أثر الشعر في سلوك المواطنين· ففي جمهوريته المثالية، حيث يصنف الناس ويحدد وظائفهم، كان لا بد من تحديد وظيفة الشعراء فيها ودور الشعر·
ولا خلاف بين المفكرين والنقاد بأن أفلاطون كان حكيماً وفيلسوفاً بارعاً، لكن آراءه التي تتصل بالأدب والفن ظلت محيرة ومثار تفسيرات عديدة عند الكثير من الكتاب والنقاد لقرون طويلة بعده·
يرى أفلاطون أن كل الفنون قائمة على التقليد (محاكاة للمحاكاة)· وينطلق في هذا من إيمانه واستناده إلى الفلسفة المثالية، التي ترى أن الوعي أسبق في الوجود من المادة· لذلك يرى أن الكون مقسم إلى عالم مثالي وعالم محسوس طبيعي مادي· والعالم المثالي أو عالم المثل يتضمن الحقائق المطلقة والأفكار الخالصة والمفاهيم الصافية النقية· أما العالم الطبيعي أو عالم الموجودات فهو - بكل ما يحتويه من أشياء وأشجار وأنهار وأدب ولغة ·· إلخ - مجرد صورة مشوهة ومزيفة عن عالم المثل الأول الذي خلقه الله، وبتعبير آخر إن العالم الطبيعي محاكاة لعالم المثل والأفكار الخالصة، لذلك فهو ناقص ومزيف وزائل· فالأشجار المتعددة في العالم الطبيعي مجرد محاكاة لفكرة الشجرة الموجودة في عالم المثل· وتعدد الأشجار في العالم الطبيعي علامة على عدم تطابقها مع تلك الفكرة، وعلامة على أنها ناقصة ومشوهة· والفنان أو الشاعر يحاكي العالم الطبيعي المحسوس فيصبح عمله محاكاة لما هو محاكاة أصلاً، وبالتالي فهو يبتعد عن الحقيقة (التي تكمن فحسب في عالم المثل والأفكار) بعداً شديداً·
وأفلاطون يوضح أفكاره ومواقفه من الأدب في الكتاب العاشر من الجمهورية من خلال الحوار الذي يجريه بين سقراط (الفيلسوف الذي ينقل أفكار أفلاطون) وجلوكون (الذي يمثل الإنسان العادي) ولننقل هذا الحوار بحرفيته لنطلع بشكل مباشر (دون وسيط) على آراء أفلاطون، من خلال هذا النص الذي يعد أقدم نص في تاريخ نظرية الأدب:
إذن فلنبدأ بطريقتنا المألوفة فنقول: كلما كان لعدد من الأفراد اسم مشترك، افترضنا أن لهم فكرة مقابلة أو قالباً مقابلاً، أتفهم ما أقول؟
- نعم أفهم·
- فلنتناول - أي مثل شائع: إن في العالم سرراً وموائد - عدد عظيم منها أليس كذلك؟
- نعم·
- ولكن ليس هناك فكرتان أو قالبان لهما - فكرة أو قالب للسرير، وفكرة أو قالب للمائدة·
- صحيح·
- وصانع كل منهما يصنع السرير أو المائدة لكي نستخدمه ونستخدمها وفقاً للفكرة - هذه هي طريقتنا في الكلام في هذا المثال وأشباهه - ولكن ما من صانع يصنع الأفكار نفسها ألا ترى هذا محالاً؟
- نعم، محال·
- وهناك فنان آخر، أحب أن أعرف رأيك فيه·
- ومن يكون هذا؟
- فنان هو صانع كل ما يصنعه سواه من الصانعين أجمعين·
- يا له من رجل فذ·