أنت هنا

قراءة كتاب يافا تعد قهوة الصباح

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
يافا تعد قهوة الصباح

يافا تعد قهوة الصباح

تدور أحداث رواية "يافا تعد قهوة الصباح" في مدينة يافا الفلسطينية وقرية بيت دجن القريبة منها في أربعينيات القرن الماضي. الرواية لا تتحدث عن رحيل ومهجرين ومخيمات لجوء بل عن أسواق وحمامات تركية ورحلات عائلية الى شاطئ طبريا وسهرات في ملاه ليلية.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
فلسطين بلادنا يرددها أطفالنا، ربما دون وعي لكنهها، بل باندفاع عاطفي هو آفة الكبير قبل الصغير، ينقله الآباء للأبناء· ثم ماذا؟ ما هي فلسطين ومن نحن؟ عدا تلك الخرائط الصماء التي تزين أعناق الصبايا، والتي يتفنن الحرفيون في سكها تارة من ذهب وأخرى من فضة، وحينا من معادن أقل غلاء، مكتفين بسحر الرمز وألوان العلم الأربعة· عدا ذلك لم نفلح في تقديم الكثير للتعبير عن هويتنا·
 
من نحن؟ من يستطيع أن يمدني بأي معلومة تساعدني في رسم ملامح تلك المجموعة البشرية، التي قطنت تلك البقعة الصغيرة من الأرض المسماة فلسطين، قبل أن يجري ما جرى وتختلط الألوان بشكل لم تجد معه لا أغانينا الوطنية السطحية ولا محاولات الأشاوس في المؤسسات الثقافية لمنظمة التحرير؛ لإعادة إحياء التراث الفلسطيني، من خلال إقحام الكلاشنيكوف على كلمات الأغاني التراثية والبذلات العسكرية المرقطة على الزي الشعبي·
 
أذكر كيف كدت أتعرض للضرب مرة، حين وصلت إلى بودابست، حيث كنت أقيم، فرقة شعبية فلسطينية من بيروت، مدربها مصري تقدمي شديد الإيمان بالقضية، لكن لم تطأ قدمه فلسطين في حياته، ولا شهد دبكة في عرس، ولا سمع أهازيج حقيقية·
 
لم يكن أعضاء فريق الدبكة يرتدون زيا شعبيا (قنبازا وكوفية وعقالا) بل زي الثورة (البذلة العسكرية المرقطة إياها)·
 
كان واضحا أن الدبيكة لم يروا في حياتهم دبكة·
 
أما كلمات الأهازيج والأغاني الشعبية فكانت مصطنعة وبعيدة تماما عن الشعبية
 
كلمات إحداها تقول ياللي بتتحرك بنية صافية، الك مننا تحية وافية
 
شعرت بالغثيان حين سمعتها، وما كان مني إلا أن رددت عليها بعفوية، وعلى الوزن والقافية والنغم نفسها، وبصوت عال سمعه الجالسون في آخر صف في القاعة طيزك بردانة والعالم دافية، وما حدا قال لك يعطيك العافية وكنت مقتنعا أن هذه الأبيات، على فجاجتها، هي أقرب إلى جو التراث الفلسطيني من تلك الكلمات المتفذلكة المزيفة·
 
صدم الجميع، وتحلق البعض حولي، وبدأوا يدفعونني بمناكبهم، ولم ينقذني إلا اندفاع بعض الاصدقاء لحمايتي·
 
إذن حفيت قدماي بحثا عن أي مصدر متاح مهما كان، بحثا تاريخيا، ذكريات بعيدة، وثائق، أعمال أدبية·
 
وصلت إلي عبر السنين نتف وشراذم صغيرة من المعلومات من مصادر باهتة ومتفرقة، تشير إلى أن سكان حيفا ويافا والمدن الأخرى والقرى المحيطة بها كانوا يشكلون مجتمعا راسخا ذا ملامح واضحة، ونسيجا عضويا متجانسا· لكن أين هم الآن؟ جزء كبير منهم يقطن مخيمات الأردن وسوريا ولبنان، بملامح هجينة ومرارة قاتلة، وذكريات لم تفلح السنون ومحاولات ذوي القربى المستميتة في محوها· هؤلاء سيكونون ملاذي· لست معنيا بمن تمكنوا من إيجاد موطئ قدم لهم في أوروبا وأمريكا الشمالية، فأولئك اكتسبوا ملامح أثرت على نقاء ذاكرنهم· إذاً، فليس لي إلا الوصول إلى العدد الأكبر من اللاجئين في الدول العربية، علني أقترب من ذلك العالم الذي أرغب في إعادته إلى الحياة في روايتي القادمة· نعم، مشروعي هو رواية، أي لا قوة موضوعية له، لكني، وبعد مشاهدة فيلم عازف الكمان على السطح اقتنعت بأن الفن المتميز قادر على بعث التاريخ الميت وإعطائه صوتا·
 
إذاً، همتكم معي أيها الشباب والصبايا· لنبدأ بإنشاء صفحة خاصة على فيسبوك، نتمكن من خلالها من الوصول إلى من يستطيع المساعدة· أريد الوصول لأشخاص عاشوا في فلسطين في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي·

الصفحات