رواية "ساعة ظهور الأرواح"لالمؤلف البحريني عبدالله خليفة، تذكرنا برواية توفيق الحكيم الشهيرة "عودة الروح" لا يقتصر على التشابه في الكلمات ومعانيها المحددة بل يتجاوز ذلك إلى تلك الرسالة الواضحة وهي احياء ما بدا كامنا أو ميتا من روح الجماعة وإعادة الحياة إلى ت
أنت هنا
قراءة كتاب ساعة ظهور الأرواح
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
(3)
اتحد رأسُ يوسف بالفراش والأحلام والأصوات طويلاً· يهربُ من الوجه ذي القرنين الكبيرين، فيمتطي صهوة كبش، ويرفرف بأجنحة فراشة، والرجل العملاق يطارده في ممرات الشهوة والسكر والمال، ينحشر في كيس ويسقط في مياه تروح تطلق الفقاقيع والأسماك، وهو يفقد صوته وأنفاسه·· ويصحو على سريره الوثير، قربه إناء الحليب وإناء العصير، ونافذةٌ تطلُ على حديقة ملأى بالشجر والعصافير، ويهز رأسه مبعثراً حبيبات النوم وأجنحة الأشباح·
أمه تحدق به:
ــ ماذا بك يا حبيبي؟
يصرخ:
ــ قرفٌ من هذه المدرسة، ألا تسقط وتنهار أبداً؟
تجلس قربه، وتسرح شعره، وتهمس:
ــ بضع سنين وتصبح طبيباً··
ــ الليلة البارحة أخذتني الملائكة إلى السماء، أعطتني نوراً وكلاماً يا أمي·· ماذا أفعل بأوراق هؤلاء الأساتذة الحشرات؟!
يشرق وجهها، وتبتسم، تقول:
ــ يبدو انك حلمت كثيراً، العاصفة الغريبة البارحة··
ــ كنتُ في قلبها يا أمي، أخذني ماردٌ إلى قصر كبير مليء بالذهب والزمرد، أحجاره كبيرة مضيئة، انظري إلى أصابعي··
كان خيطٌ من رمل فضي متوهج يتساقط على كفها الممدودة، وتحدق فيه بانبهار وخوف، وتنهض صاخبة مرعوبة، وتتحسس جبينه، ثم تجري نحو الخارج عائدة بقرآن ومبخرة وتقوم بكنس العفاريت والجان عبر الدخان المتقلقل والآيات، فيشرب العصير بمهل ولذة·
في حشود الأضلاع والجدران والسبورات السوداء والطباشير وحشرجة اللغة جمع طابوراً من الصغار راح يروي لهم مغامرته في القصر المسحور:
ــ قال لي المارد أنت لا تحتاج إلى المدرسة، خذ هذه الكنوز من الزمرد وأصنع القوارب والبيوت والدكاكين واشتر النساء، هيا أنزل إلى الأرض التي مكنا لك فيها، أنت ونسلك إلى أبد الآبدين··
صاح طفلٌ بطول ذراع:
ــ ماذا يعني أبد الآبدين؟
أجابه آخر :
ــ يعني حتى الموت يا غشيم!
قال يوسف بغضب:
ــ خذوا هذه العملات الذهبية واشتروا السندويشات وإجابات أسئلة الامتحانات وصمت المعلمين إذا نمتم في الفصول، وشعر البنات، وغضب الأمهات··!


