أنت هنا

قراءة كتاب رفرفة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
رفرفة

رفرفة

المجموعة القصصية "رفرفة" للكاتبة العُمانية بشرى خلفان، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2004 ؛ تبدأ بنص "أزرق للحزن" وتنتهي بنص "رفرفة" وبينهما تتوزع نصوص المجموعة: بريسم، المظلة، الآخذون، اسطرلاب، رقص، رائحة لا تشبه أحدا، هنّ، ارتطام، وشيجة ا

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
تسكب الماء على جسدي، تغسلني بالحناء، تفرك وجهي جيدا وشعري السابح تحتي يتهمك بالأذية فلا تأبه، تحشو القطن في أذني، ومكان عيني المتدلية، وفمي تحشوه جيدا بالقطن الناعم·
 
- كلنا كنا هناك يا ابنتي، وكلنا رأينا ما حدث، لكننا لم ننطق بكلمة·كانت نظراتهم تتربص بنا، تعاهدنا على الكتمان إلا أنت، هربت من الغرفة وتسلقت شجرة البيذام (4)، وقبعت بين تلافيفها حتى الفجر·
 
وعند الفجر حملت حقيبتي وأقلامي ودفتر الإنشاء وكتبت قصة لمدرسة اللغة العربية·
 
- هذا كلام به الكثير من العنف ولا يناسب رقة عودك، ربما لو تكتبين عن الطبيعة، عن أمنا النخلة مثلا ، عن إجازة الصيف، عن الكورنيش، ربما لو كتبت قصة حب بريئة·
 
أترك الأخصائية الحائرة في تفسير لون المداد الأحمر المسكوب على كراستي، وبقعه المنثورة على الأرض، وأخرج أبحث عن النخلة في أقصى الحوش، وأدفن في ترابها وجهي·
 
تقول أمي وهي تمشط لي شعري:
 
- عندما تكبرين وتزهر حقول الثمار في جسدك ستحملقين لساعات في انعكاس ماء البحر و ستبحثين عن رفيق يساعدك في جني الثمار ويحفظ روحك من الضياع·
 
- وهل سيمشط لي شعري كما تفعلين؟
 
- نعم·
 
- وهل سيسكب العود والمسك في مفارقي؟
 
- نعم، وسيحني قدميك الصغيرتين كأوراق اللوز·
 
- وهل ستنبت لي الأجنحة؟
 
- الأجنحة لا تنبت للبنات!
 
و أنا أحس بالزغب ينبت أعلى كتفي، فأسقيه زيت اللوز، وأرعاه حتى يكبر، ويفرد نفسه على ذراعي، ويصير ريشا أبيضا لامعا وقوي، امسده حتى يكتمل ، وأقذف نفسي من الكوة الضيقة أعلى الدار وأطير·
 
- احذري ألف مرة وأنت تدسين الكلمات في الثغور، اضبطي الوقت وفجريها عن بعد، لا تعطيهم دليلا ضدك، احرقي ريشك إن لزم الأمر·
 
- إن لم تتوقفي عن الكلام سيحرقون وجهك بماء النار، ويقطعونك إلى مكعبات صغيرة قد تصلح لأسياخ الشواء، وذلك لن يتم إلا بعد أن تنجبي لهم الكثير من اللقطاء·
 
تشعل النار بحفنة من أوراق الشجر اليابس وقطعتين من الحجر البركاني الأبيض، تبخرني بالخشب المتكسر، تحكم الغطاء حول رأسي، تمحو خيط الدم حول شفتي، ولا تكف عن دغدغتي وأنت تمر بيديك تحت جناحي، فتزهر ضحكة مفرطة في الفرح تسابق رئتي، لكنها لا تخرج، وعيني الناضحة بالهدوء تسألك عن الوقت فلا تجيب، هنا يبدو التراب تحتي أكثر دفئاً وأتذكر أني ميتة·

الصفحات