رواية "توبة وسليّ" المؤسسة العربية للدراسات والنشر - 2003 للكاتبة السعودية مها محمد الفيصل، تزخر في الحكايات الاسطورية التي تزخر بها الرواية، وتحويل النباتات الى شخصيات روائية، وتعدد الرواة، وتناسل الحكايات بعضها من بعض، وتداخل البنى الفنية، والاستشهاد وبال
أنت هنا
قراءة كتاب توبة وسلي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
قال القبطان: سامحك الله يا أخي! وشفاك من ضيق نفسك وأنفة طبعك··· بينما الفتاة تطبب جرحه· قلت: أنا ذاهب·
قال مراد: ذاهب معنا إن شاء الله· سألت متعجبا: أوتأخذني معك بعد···؟ قاطعني القبطان: نعم، بعد لطم وشج··· نعم·
ثم ضحك ، والفتاة تنظر إلي بعتب·
جُهِزت السفينة للإبحار· نادى مراد بسم الله مجراها ومرساها وأطلق شراعا أحمر جعل يلوح في الهواء، ثم شد حبلا فاستقام، وصارت الرياح تُسّير مركبنا، وهو يشق طريقا في البحر بخفة وسرعة· أحسست بانشراح كبير، وأنا أتأمل السماء والبحر يتسعان أمامي كذراعين ضمتاني والمجهول، ومضينا···
لم أكن قد رأيت الفتاة مذ أن أبحرنا، ولم أكن أقدر أن أسكن عقلي عن التفكير في أمرها· بعد مرور أيام سألت صاحبي، بينما نحن نقتسم خبزا وعسلا تحت سماء صافية، ونشوة هواء البحر الطلقة، تشنف أسماعنا أصوات طيور النورس، وأمواج لطاف· قلت: يا مراد من تلك الفتاة؟ أجاب: أي فتاة؟ وجعل ينظر من حوله قلت: تلك التي رأيتها قبل إبحارنا··· ضحك مراد وصار يضرب الأرض برجله· أحسست بانزعاج ثم سكت فجأة، ونظر إلي مجيبا: والله لقد تحشمت عن هذا السؤال طويلا ! هذا جيد· هي جاريتي سُليَّى···
تابعت: لم أرها منذ ذلك اليوم ! هنا استشاط مراد غضبا، وأخذ بناصيتي، ثم حملني وألقى بي من فوق ظهر المركب، وسقطت في البحر وقبل أن يخطر إلى قلبي خوف···غمرتني المياه صرت أصرخ وأنادي: يا مراد اتق الله! يا مراد كلنا إنسان ! يا أخي هذه نزغَة شيطان وسيطول عليها ندمك إن لم تغثني !ومراد لا يجيب·
أيقنت أنه لا سبيل للنجاة في بحر بلا شطآن إلا بمركب العطاء، فصرت أسبح بكل قوتي نحوه وهو ينْأى· أحسست أنني بدأت بالغرق ، والمركب ماثل أمامي لا أقدر أن أصل إليه حتى استيأست من الحياة· وإذا بحبل من العطاء يسقط نحوي، تعلقت به حمدت الله وخطر في نفسي: أنني من غريق إلى صحبة مجنون لا ضير··· ثم سحبني مراد إلى السفينة·علوت سطح المركب، وحالي يُرثى له· نظرت إلى مراد ثم قلت له برفق: ما بك يا أخي أويفعل هذا بصاحب سفر؟ هذه والله صنيعة سوء ! سكت مراد ولم يجبني، وزاد غيظي فأضفت بصوت جهوري: لن أحلك ما حييت ، ولا حتى بعد مماتي، ولا يوم الحشر، وسترى أينا أضعف جنداً !