أنت هنا

قراءة كتاب خندق النار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خندق النار

خندق النار

" خندق النار" للكاتبة أنيسة الزياني، يضم قصصاً قصيرة ، في هذه المجموعة القصصية تطرح "أنيسة الزياني" توليفة من الأقاصيص القصيرة التي تسرد فيها بعضاً من معاناة أبناء جيلها، وبعضاً من ذكراياتها القديمة التي حولتها عبر يراعها إلى كلمات نسجت منها مجموعتها هذه ال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5
الرهان
 
لي صديقة دائمة الحديث في المجالس النسائية عن منزلها الفخم··· فرشه الوثير··· نظافته رغم اتساعه وغرفه الكثيرة، لم أصدق ما كانت تدَّعيه إذ لا يمكن لأيِّ بيت أن يكون مثلما تقول، حاولت إقناعي فلم أقتنع ··· ألحَّت عليَّ للقيام بزيارتها في يوم حددته لي فلم أقبل·· إذ من الممكن أن تنظف منزلها وترتبه في هذا اليوم لتثبت لي صحة كلامها وتكسب الرهان الذي اقترحته الجالسات معنا··· وهو خمسون ديناراً·
 
اتفقت معها على أن تكون دعوتها لي مفتوحة وغير مقيدة بموعد، وبعد انقضاء شهر على اتفاقنا عزمت على زيارتها في المساء··· وعند الساعة الخامسة والنصف طرقت الباب ··· عفواً··· أقصد ضغطت جرس البوابة الكبيرة للحديقة الممتدة حتى باب المنزل الرئيسي··· فجاءني صوت إفرنجي رخيم يسائلني من أكون، ذكرت اسمي·· فإذا بالبوابة تنفتح على مصراعيها ببطء شديد ·· سرت على قدمي عشر دقائق حتى وصلت باب المنزل··· تحيط بي حديقة·· بل حدائق غنَّاء توزعت في أنحائها مصاطب بأشكال عجيبة غريبة··· وأحاطت بها الأشجار الظليلة والأزهار العبقة المزروعة في جداول تجري المياه فيها دون توقف·
 
اعتليت الدرجات الخمس الرخامية لأصل الباب ··· وكلِّي ثقة بالخسارة ··· استقبلتني بحرارة وأدخلتني المنزل ··· ماذا أقول ؟؟؟ إنه قصر من تلك القصور التي أقرأ عنها في الكتب والقصص ولم يُقدَّر لقدمي أن تطأها حتى في الأحلام·
 
حين دخلت اكتشفت تقصيرها في وصفه، وأنها أبخسته حقه كثيراً، مشيت بمحاذاتها نعبر الصالات المتعددة المفروشة بألوان مختلفة ومتناسقة في آن واحد··· لقد تمَّ تصميمه وتأثيثه بأسلوب راقٍ ومنظم فلم تقع عيناي المتربصتان على ممرات سرية أو ثغرات صغيرة تشجع الحشرات على التجمع والتكاثر فيها كما في بيوتنا نحن الفقراء، حيث تجد في كل ركن منفذاً واسعاً لنوع خاص من الحشرات·· صراصير··· نمل·· خنافس، استغرقت مشاهدتي السريعة للقصر ثلاثين دقيقة··· أدخلتني بعدها حجرة لفخامتها ظننت أني لا أستطيع وضع يدي على أيِّ شيء فيها خوفاً من حدوث ضرر لها·· لم تواتني الشجاعة للجلوس فظللت واقفة رغم تعبي··· تركتني بمفردي ريثما تجري بعض المكالمات الهاتفية المهمة···
 
دقائق مرَّت على خروجها بعدها انطلقت قدماي وعيناي تفتشان عن ذرَّة غبار عالقة فوق الأثاث الوثير أو خيوط بيت عنكبوت مهجور خلف الصور واللوحات الثمينة··· ولكن باءت محاولاتي بالفشل··· الفشل الذريع ···· استندت على الحائط الناعم الملمس ونظري موجه للسجادة الإيرانية الفاخرة التي تغطي الأرضية··· أفكر في تحدِّيِّ الأخرق وخسارتي للرهان فشدَّ انتباهي جزء منها مرتفع قليلاً···· ربما تحتاج شدًّا قليلاً لتستوي مع الأرض ··· تقدمت خطوات ثلاث وانحنيت لسحبها··· فإذا بالجزء المرتفع يتحرك ببطء ··· ترددت كثيراً قبل رفع السجادة الإيرانية الفاخرة لأرى ما تحتها ··· إنه فأر صغير منكمش على نفسه ··· حاول الفرار فلم أعطه الفرصة للهرب··· ناديت صديقتي لتأتي بسرعة··· حضرت ووقفت بجانبي وأنا جالسة على ركبتي محاصرة الفأر بعدد من المخدات ··· بدا عليها الخوف من الفأر والدهشة من وجود هذا الكائن الصغير في المنزل الفخم···· طلبت منها مناداة أحد الخدم الكثر للتخلص من الفأر وإبعاده فلم تتحرك، وطلبت مني رفع الحصار عن الفأر وإفساح الطريق أمامه للهرب، حاولت تغيير رأيها لكنها رفضت، استجبت لها فهي صاحبة القصر··· ورفعت حصاري عنه فركض متنططاً فوق المخدات والأثاث إلى أن اختفى ····· لقد كانت تخشى اتساخ الأرضية بدم الفأر·

الصفحات