أنت هنا

قراءة كتاب البنية الدرامية في شعر محمود درويش

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البنية الدرامية في شعر محمود درويش

البنية الدرامية في شعر محمود درويش

يرى الباحث د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 7
الدراما العربية
 
من المعروف أن فن المسرح يعد من الفنون الوافدة على العرب في منتصف القرن التاسع، بيد أن المادة الخاصة للعمل المسرحي كانت موجودة، وقد تمثلت في جملة من الإشارات؛ كظاهرة الصعاليك، والعبيد، وموضوعات المرأة، وأيام العرب، والأساطير، وقصص الأبطال. غير أن واقع التجربة الأدبية، أثبت أن العرب لم يستغلوا تلك البذور، وانشغلوا بالشعر الغنائي الذي مثل- لهم- ديوانهم الأوحد، ولا داعي للحديث عن بذور أخرى تمثلت في خيال الظل والأراجوز وغيرها، لأن المفهوم الاصطلاحي الذي أحاول معالجته، هنا، ضمن مفهوم الدراما التي تتبعت تطورها عبر التاريخ الأوروبي لا وجود لها في هذا ولا ذاك، ولعل أسبابا عديدة حالت دون ميلاد دراما عربية كتلك التي تناولتها في التاريخ الغربي قديمه وحديثه.
 
ولعل نشأة هذا الفن كجزء من ألوان العبادة لا تساعد المنطق العربي في الجاهلية، أو في الإسلام لتبني هذه الرؤية الوثنية، ثم إن حياة العرب ببداوتها لم تعن على وجود المسرح العربي الجاهلي؛ لأن المسرح يحتاج إلى استقرار في الحياة، وهو مرتبط بالحياة الراقية وبالمدينة، أما في الفكر الإسلامي الخالص؛ فإن الحياة الإسلامية في سمتها الديني لم تكن تعين على وجود المسرح؛ لأنها تحرم مبدأ التجسيم الذي يقوم به المسرح، ثم إن الحياة الاجتماعية بوضعها السياسي كانت تنظر إلى المرأة نظرة تحجبها عن الوجود المسرحي.( )
 
أما شعراء العربية، فقد كان التصاقهم في الذات بالغا، واهتمامهم بالمجتمع طفيفا، وتأثيرهم بالثقافة الأخرى نزرا، ولذلك صبغت أشعارهم بالغنائية، والذاتية.
 
ومن هنا، فإن المسرح العربي لم ينشأ إلا في بيئة متحررة، متأثرة بالغرب، بيئة قبلت أن تتخفف من أثر الثقافة الإسلامية إلى حد كبير، وبدأت تبحث عن آفاق أخرى عبر الثقافات الغربية، وقد كانت بيروت في القرن التاسع عشر أول مدينة عربية تتأثر بهذا الفن الوافد، وكان مارون النقاش، صاحب الرحلات التجارية الكثيرة قد تعرف على هذا الفن في ايطاليا، وشاهد بعض المسرحيات فشغف بها، ولما عاد إلى بيروت شعر بدافع قوي يدفعه إليه، فألف فرقة من بعض الشبان، وفي سنة 1847 م مثل معهم أول مسرحية له في بيته، وهي مسرحية "البخيل" (لموليير)، حيث دعا لها وجوه المدينة وقدم لها بخطبة.( )
 
ثم جاء بعده سليم النقاش الذي ألف فرقة في بيروت، ثم انتقل بها سنة 1876م إلى الإسكندرية، فكانت أول فرقة دخلت وادي النيل.( )
 
وقد تأخر ميلاد المسرح المصري الحقيقي إلى بدايات القرن العشرين، ولكن سرعان ما بدأ أعلامه يقودون هذه الحركة، من أمثال الشيخ سلامة حجازي، وجورج أبيض، وعزيز عبيد، ثم كانت النقلة النوعية الحقيقية على يد الكاتب المسرحي توفيق الحكيم، الذي ألف أكثر من عشرين مسرحية بين قصيرة ومتوسطة، معظمها من باب الكوميديا، وقد عالج فيها بعض المشاكل الاجتماعية والأخلاقية؛ من نحو: مشاكل المرأة، وفساد الحكم، وتدهور الأخلاق، وما إلى ذلك.
 
ثم برز نجم شوقي ومسرحياته الشعرية، وقد "ارتبط شوقي بالمسرحية الشعرية منذ أن كان طالبا في باريس، وكان المسرح الشعري في فرنسا في أوج ازدهاره؛ فتسنى له أن يشاهد روائع المسرحيات الكلاسيكية والرومانسية وهي تعرض إلى جمهور النظارة في مسارح باريس، كما تهيأ له في أثناء إقامته في فرنسا وفي أثناء رحلاته إلى أوروبا أن يقرأ لمشاهير الشعراء والأدباء الأوروبيين، مثل: (شكسبير)، (كورني)، (بودليير)، و(هيجو)، ويتأثر بنزعاتهم المسرحية، فكان أن عكف على نظم أولى مسرحياته الشعرية وهي "علي بيك الكبير" أو دولة المماليك، وهو في باريس، ولكنه لم ينشرها في تلك الأيام، وانصرف عن الشعر المسرحي إلى الشعر الغنائي، ولم يكتب للمسرح إلا في أواخر حياته حين بويع بإمارة الشعر عام 1927م وطلب منه بصفته أمير الشعراء أن يكمل فنه الأدبي باتجاهه إلى المسرح الشعري، وكانت كل الظروف آنذاك مواتية له لأن يضع تجارب مسرحية؛ فالتأليف المسرحي بلغ ذروته أو كاد في الآداب الغربية، كما ساعدت فترة الاستقرار والاستقلال الفكري النسبي التي أعقبت عصر الجهاد ضد الإنجليز على التأليف المسرحي المنظم، فضلا عن أن شوقي قد وطن نفسه على الاستقرار والتفرغ لإنتاج الشعر، فوضع أربعا من المآسي الشعرية، وهي: مصرع كليوباترا، ومجنون ليلى، وقمبيز، وعنترة، وملهاة واحدة وهي الست هدى. واتجه شوقي في مسرحياته الشعرية إلى التاريخ، يستمد منه موضوعات مسرحياته وحوادثها متأثرا في ذلك بمسرح شكسبير الشعري، وبالمسرح الفرنسي الكلاسيكي.( )
 
وجاء بعد شوقي الشاعر عزيز أباظة الذي اتخذ شوقي إماماً له، فألف من النمط الوطني: "شجرة الدر" ومن النمط العربي" قيس ولبنى" و"العباسة" و"الناصر" و"غروب الأندلس" واستمد بعض مسرحياته من الأساطير، فألف مسرحية "شهريار" واستمد مسرحية أوراق الخريف من واقع عصره.
 
ومن مظاهر التطور التي طرأت على الشعر المسرحي اللجوء إلى الشعر المرسل في كتابة المسرحية، ورائد هذه المحاولة محمد فريد أبو حديد، فقد كتب مسرحية "ميسون الغجرية" في قالب الشعر المرسل.
 
أما التجربة الثانية في هذا المجال، فكانت مسرحية "أخناتون ونفرتيتي" للكاتب علي أحمد باكثير.

الصفحات