المجموعة القصصية "أريد حذاء يتكلم" للكاتبة الفلسطينية شيراز عناب، تأخذ القارئ إلى أن يكتشف خلال مساراه في قصصها أنها تقترب من مساحات التمرد لكنها تظل تحاول عقلنة الأمور والحلول رغم ان مخرز مفردتها له لسعة غائرة في الجرح حين تنبش في وتصل الهّم الاجتماعي.
أنت هنا
قراءة كتاب أريد حذاء يتكلم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
ذات الخمار الأسود
تعالت خطوات قدميه فأخذ يمشي يمينا ويساراً رافعا رأسه إلى السماء مرارا وتكرارا يخاطبها طالبا الصفح والغفران، ما هذا الذي فعلته به هذه المرأة وكيف أنسته صاحبة الخمار؟
ذكر الله في الصباح والمساء، ما الذي يحدث؟ لم تكن عنده إلا ورقة يصححها وعلامات يرقمها، لم تكن إلا تائبة فما إن يأتي حتى تغادر.
لكنها ذلك اليوم لم تغادر وهو لم يسألها عن السبب، بل أسعده وجودها ولم يفرغ من تصحيح ورقتها، بل زاد عليها الأخطاء ووقف عند نقاط كثيرة حتى لا ينتهي الكلام فإنه أحبها منذ أول لقاء، ولم يرد منها أن تغادر.
قالت له وعلى خديها الدموع: لدي مشكلة أنني لا أعرف الله، ولم أجلس على سجادة الصلاة يوما ولم أعرف ما هي قراءة القرآن فأنا ابنة قوم ليس للشهادة ميثاق بينهم.
استعاذ من الشيطان وأخذ يجول بمسبحته بالمكان ويذكر الله ذهابا وإيابا، أحبها من أول لقاء أرادها بالحلال لكن يقف أمامهم السقف والحائط والجدران، إنه متزوج ويخاف الله، فماذا يقول لزوجته التي تنتظر عودته ليقيم معها الصلاة، ماذا يقول لأهل الدار الذين رباهم على رضا الله لا على معصيته، ماذا يقول لها؟ أن امرأة على يديه قد تابت وأنه على يديها عصى الرحمن؟ ماذا يقول لربه في يوم الحساب؟
وقرر أن ينتهي اليوم من تصحيح الأوراق بعد أن يرميها إليها من تحت الباب.
طوى الورقة مرة وارتعشت يداه مرات وسأل الله التوبة فإنه قد انتهى من تصحيح الأوراق ولم يعد هنالك من ينتظر على الباب، جلس على سجادة الصلاة يقرأ القراّن حتى أحسّت الجدران بالخشوع وتمنى أن يصل صوته إلى صاحب الأرض والسماوات عله يغفر له ما منه كان.