رواية "أعواد ثقاب" الصادرة عام 2000 للكاتبة رفقة دودين عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ نقرأ من أجوائها:
قال الراوي، بعد أن ذكر الله وأثنى عليه:
أنت هنا
قراءة كتاب أعواد ثقاب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
أعواد ثقاب
الصفحة رقم: 1
أعواد ثقاب
قال الراوي، بعد أن ذكر الله وأثنى عليه:
وقعت الواقعة، ودارت فوق الرؤوس القارعة، ووجدوا أنفسهم في صحراء التيه، لكأنهم في أرض يباب يسيرون وراء أوهام كلّها سراب، كيف توالت حادثات الزمن عليهم، يوم أن عمّهم الهجيج؟ وكلّهم في شتات ما بَعْده شتات، ذهبت المروج والقرايا والمدن وقطعان الأبقار، ومَهْر المليحة بقرة، وانقطعت الجذور عن الفروع، التحق الرجال بجموع الإنقاذ وعزَّ السلاح والخبز، صار الفضاء أضيق من خرم الإبرة تباً لها·
وقال الراوي يا سادة يا كرام:
- إنّ قرط أم حمد المشنشل كان معلقاً بجانب مرآة ريش النعام في صدر الدار، وهي تتوسل زوجها··· فأسكتها بلكزة في خاصرتها صاكاً أسنانه صارخاً:
- الحلق ولا كرم الزيتون، ولا العيال؟
سكتت على مضض وتفقدت موسى عهد اللحم الأبدي في حزامها·
وينحدر الزوج باتجاه الكرم عاداً فشكاته القليلة، والأفق بحرٌ لجبٌ لا يتبدى عن شاطئ وعليه أن يبحث في جيوب كل الدنيا عمّا يبقي فيه فتيل الحياة منونساً·
أما ما كان من أمر الحاج عبدالله في ذلك الموكب من الهجيج، فقد كان مما تشيب له الولدان، ضاعت زوجته في الزحمة، فتوالت عليه المحنْ، وحلت في قلبه النوائب، كان يسير خطوات إلى الأمام ثم يعاود راجعاً رجوع القهقرى، سائلاً كلَّ هؤلاء الخلق عن رضا·
وقال الراوي: إنه قال قصيدة رثاء خرجت من أعماقه في ذلك الموقف العظيم فاكراً الجدة رضا الضائعة، وما قاله في هذه القصيدة قيل أنه ذكره في قصائد أخرى لما كان سجيناً في السويس، سجنه الانجليز بحسبة انه جندي عثماني وأنه فقد في تلك الحروب أحد عشر أخاً عداً ونقداً، من فلسطين إلى اليمن، إلى مصر، إلى الشام ولات حين مناص، كما أنه تعلم القراءة دون الكتابة في السجن بحصتَّّه من التتن العربي، يعطيها لمدخن نهم، اكتراه بها لتعليمه القراءة، وليقرض الشعر الشعبي من بعد راثياً داره قائلاً: