ينكر كثيرون وجود عروبة قديمة، وقد وضع هذا الكتاب للرد على هؤلاء، ولتعريف شباب الأمة ببعض روافد وأسس العروبة منذ أقدم العصور التي جاء الإسلام ليصقلها ويكملها ويصنع لها دولة.
أنت هنا
قراءة كتاب أسس العروبة القديمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

أسس العروبة القديمة
الصفحة رقم: 3
ويبدأ نفي الهوية العربية في العقل الاستشراقي والمتغرب بمحاولة إظهار الوجود العربي خارج الجزيرة العربية كاحتلال أو كوجود طارئ منقطع الجذور، وبتقديم الفتح الإسلامي في حدود الوطن العربي الحالية كغزوٍ غاشمٍ لأقوام من الجزيرة العربية على أقوام أصيلة لا يرتبطون معها برابط.
وهو خلطٌ وتهويمٌ يتراوح ما بين الجهل الفاضح، والتوجيه المشبوه سياسياً والمخترق ثقافياً، لأنه يتجاهل عمق الرابط اللغوي والحضاري، وحتى العشائري، ما بين الجزيرة العربية وبقية أجزاء الوطن العربي. فمناذرة العراق، وغساسنة بلاد الشام، جاؤوا من شبه الجزيرة العربية كما هو معروف، وكذلك أظهر د. عثمان السعدي أن الأمازيع جاؤوا من اليمن قبل عدة ألفيات، ووضع قاموساً يظهر ترابط اللهجة الأمازيغية، بالعربية وبالفينيقية-الكنعانية القديمة، وهي من جدات اللغة العربية المسماة زوراً "السامية"، و"السامية" طبعاً هي اللفظة التي استحدثها المستشرقون من أجل إلغاء ذكر أي شيء عربي من تاريخ حضارة الإنسان كما يوضح د. أحمد الداوود في دراساته وغيره. وهناك أيضاً دراسات د. عكاشة الدالي عن عروبة مصر القديمة، ناهيك عن مجلدات محمد عزة دروزة التي وثق فيها عروبة العراق وبلاد الشام ووادي النيل المتصلة منذ أقدم العصور.
وعلى كل حال، المراجع التي تؤكد العروبة المتصلة لبلادنا منذ أقدم العصور متوفرة لمن يبحث عنها، ونقول المتصلة، لأن العروبة لا يخل بها احتلالٌ عابر، ولو طال به الأمد. وفي مادة بعنوان "الفتح الإسلامي لم يكن غزواً" في مجلة البيان الكويتية، عدد شهري 7 و8 لسنة 1998، يظهر د. فؤاد المرعي أن اندفاع سكان العراق وبلاد الشام ومصر للانضواء تحت راية الإسلام، بعد ألف عام من الاحتلالين الرومي والفارسي، يعود أساساً لعدم قدرة الاحتلالين على اجتثاث العروبة التاريخية للمنطقة.
وتظهر نفس المادة للدكتور المرعي أن المسلمين دخلوا بلاد الشام والعراق ومصر محررِين لا مستعمِرين، وأن المسلمين الأوائل كانوا يعرفون أن مسيحيي الشرق، أبناء عمومتهم بالنسب، كانوا مضطهَدين من الروم، وبالتالي أنهم سيؤيدونهم على أساس قومي عربي، ولو لم يدخلوا في الإسلام، فذلك حساب إستراتيجي واثق، لا عمل مغامر، يقوم على شعور غريزي بوحدة الأرض والثقافة والإنسان العربي في وعائه الجغرافي الطبيعي الذي لا يميز بين جزيرةٍ عربية، وهلالٍ خصيب، ووادي نيلٍ، ومغربٍ عربي، وهي العروبة التي هيأت لانتشار الإسلام نفسه كحركة وحدة وتحرير ونهضة للأمة العربية. وثمة سبب، بالمقابل، لعدم تخلي فارس عن لسانها بعد الإسلام!
وقد بات من الضروري أن نذكر اليوم بهذا في مواجهة غزاةٍ جدد يحاولون إظهار العروبة والإسلام في بلادنا كاحتلال طارئ، وفي مواجهة هويات التفكيك الدموي المدعومة غربياً.

