أنت هنا

قراءة كتاب بعد خراب الحافلة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بعد خراب الحافلة

بعد خراب الحافلة

كتاب "بعد خراب الحافلة"، بين دفتَيْ هذا الكتاب حكاياتٌ غريبةٌ لرجلٍ غريبٍ صار تمثالاً بعدما انقطعتْ به السُّبل طويلاً في محطَّةٍ لم تعدْ تأتي إليها الحافلات· وكان في أثناء انتظاره الطويل الطويل يتسلَّى بسرد حكاياته تلك على مسامع العابرين، أو بنقشها على قاعد

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
دابَّة
 
يقولون أنَّني دابَّةٌ صبور؛ مـع أنَّ هذا لم يكنْ دأبي دائماً· فعندما امتطاني الراكبُ الأوَّل ظللتُ أقفزُ وأرفع قوائمي في الهواء، غير عابئٍ بسياطه وبوخزات مهمازه، إلى أنْ أطحتُ به مِنْ على ظهري·
ثمَّ جاء الثاني، فلم يمكثْ طويلاً هو الآخر·
وجاء الثالث، وكان التعب قد أخذ منِّي مأخذه، والجوع قد عضَّ معدتي؛ الأمر الَّذي أدركه الرَّاكب الجديد، فأحضر معه، إضافةً إلى السوط، عليقاً؛ فكلَّما شمصتُ، ضربني بسوطه، ثمَّ ناولني العليق·
وهكذا استطاع أنْ يستقرَّ فوق كتفيَّ، زمناً طويلاً، لم يحظَ بمثله سواه·
والآن، وقـد أعياهُ الركوبُ فراح يستعدُّ للترجُّل، فإنَّني، بكلِّ العناية والاهتمام، أهيِّئُ صهوتي للراكب التالي·!
فجأة، ومثل نبتٍ شيطاني، ظهر بعض الأشخاص في المحطَّة، ثمَّ فجأة أيضاً كبروا أكثر من المعتاد· فراح الناس ينظرون إليهم؛ بعضهم بإعجاب؛ وبعضهم بتعجُّب· ولم يكفُّوا عن ذلك حتى بعـدما آلمتهم رقابهم، وزاغتْ أبصارهم·
رأيت ذلك، مِنْ مكاني على الرصيف، وحرتُ فيه، وحرت في الزاوية التي يجب أنْ أنظر منها إليهم· غير أنَّ قدم أحدهم زلَّـت فجأة، فإذا به يهوي دفعةً واحدة، ثمَّ ينفثئ مثل فقاعةٍ، ويتلاشى مِنْ دون أثر·
عندئذٍ أشحتُ بنظري عنهم، وعدت إلى التفكير بحافلتي التي أنتظر·

الصفحات