كتاب "الأعمال الروائية" للكاتب جمعة اللامي عراقي التكوين والهوى، ويصعب أن تضعه في غير هذا المسار، إلاّ إذا راهنت على أمر آخر يقيم ما بين الميراث الحسيني والتصوّف.
أنت هنا
قراءة كتاب الأعمال الروائية - جمعة اللامي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

الأعمال الروائية - جمعة اللامي
الصفحة رقم: 1
تقديم
جمعة اللامي:
السرد باحثاً عن يقين
الدكتور: محسن الموسوي
لربما توارث الأدباء والقراء القناعة بأن الشعر معطى نهائي، غارق في يقينه، تنتهي تساؤلاته عند مرافىء الحكمة والمأثور، ونكد المجتمع ومروق الذات في هواها وملذّاتها· وأنه، وكما يرى (باختين): لغة خارج التاريخ، لغة أشدّ ما تكون بعداً عن الدوائر الصغيرة للحياة اليومية، لغة ]مصنوعة بخاصة[ للآلهة وهذا صحيح عندما كان الشاعر هو العرّاف الذي يرى اللامتناهي والأزلي خلف تضاريس الحياة والواقع· لكن الشعر لم يعد كذلك منذ أن احترف التجريب وامتهن الحياة، وعرض الشاعر/الشاعرة لنفسيهما طريدين، شريدين، واقعاً وفناً·
وما يقال عن شعر الحداثة ينطبق بشكل أوسع على مفاهيم السرد التي تناءت عن العرافة والنبوءة منذ ظهور الرواية الحديثة وليدة بين فئات الطبقات الوسطى، وتحوّلها (ملحمة برجوازية) قبل أن يطالها التجريب الواسع أيضاً في مديات (الحرم الجامعي) والقرية والصحراء، لتأتي السرديات بمثال آخر غير ما ألفناه لقرون: فالرواية هي الأخرى لم تعد ابنة الحياة المدنية ضرورةً أو لزاماً، وما هي إلا تجربة أخرى تستكمل حضورها لغةً وتتجسد وضعاً مدوناً معنياً بالإنسان والمخلوقات أو بالطبيعة ذاتها· والبطل قد يظهر بشراً، كما قد يستعاد مخلوقاً من بين خرافات كليلة ودمنة، أو حتى من بين الروابي والصخور، كما يفعل ابراهيم الكوني، في رواياته وقصصه الطوال·
لكن جمعة اللامي يختط طريقاً آخر· وجمعة اللامي عراقي التكوين والهوى، ويصعب أن تضعه في غير هذا المسار، إلا إذا راهنت على أمر آخر يقيم ما بين الميراث الحسيني والتصوف، عند ذلك قد تخرجه من حدود جغرافية وتضعه في فضاء آخر واسع من الموروث الحسيني، وملاذات المتصوفة· لكن هذا قد لا ينصف جمعة اللامي، إلا إذا عرفنا تاريخه داخل تاريخ القصة العراقية والحياة الأدبية والسياسية، وعندها يمكن أن نرى فيه تلمساً للواقع العراقي الذي تختلط فيه الحياة السياسية المحتدمة، بين نبلائها ومبدئيتها وبين الانتهازيين والمنتفعين والمحترفين· وقد يختلط حابلها بنابلها أيضاً، وعلينا أن نتبين الخيط الاسود من الخيط الأبيض في خارطة مزدحمة تستخدم فيها الالفاظ من دون حساب، وتلصق فيها الحكايات والتهم باطّراد·