أنت هنا

قراءة كتاب إلياس فرحات شاعر العروبة في المهجر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إلياس فرحات شاعر العروبة في المهجر

إلياس فرحات شاعر العروبة في المهجر

إلياس حبيب فرحات شاعر من أبرز شعراء العرب في البرازيل، وأعرقهم في الشاعرية الحقة، فليس للعروض والقواعد والبلاغة شيء من الفضل في حياته الشعرية، وإنّما الفضل كله لطبيعته الموهوبة، ولاستعداده الفطري للشاعرية الصحيحة..

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 1
فرحات كما عرفته
 
للشاعر المهجري جورج صيدح
 
تلطف الأخ الأستاذ جورج صيدح فبعث مشكوراً إلى المؤلف بهذه الرسالة. لتكون مقدمة لهذا الكتاب
 
عزيزي الأستاذ عيسى:
 
تسألني ماذا أعرف عن فرحات؟ تعني بسؤالك فرحات الرجل لا فرحات الشاعر، لأن معرفتك بفرحات الشاعر واسعة، بدليل الدراسة التي قرأتها لك عنه.
 
هو الرجل "الحبوب" بين شعراء المهجر، نحبه في أسخف شعر قاله، وفي أخشن نكتة رواها، روحه الكبيرة تطغي على جسمه الضامر، ولسانه يطغى على الاثنين، حينما تعرفت إليه بهرني بشعلة ذكائه، وخيل إليَّ أنَّ جسده فسفوري، لا يحجب إشعاع نفسه، وأني مجذوب إليه بعامل سحري لا قبل لي في دفعه، هذا عين الشعور الذي خامرني يوم التقيت بإيليا أبو ماضي للمرة الأولى، مع الفارق أنّي في صحبة فرحات تبسطت وثرثرت، وفي حضرة أبو ماضي تهيبت وفحمت.
 
لا أروي لك ما تجهل عن مزاجه، لأن مزاجه يتمثل في شعره، اقرأ قوله:
 
لو مَنَّ ربّي بالنفوس على الورى لبصقت حوبائي وقلت له: خذ!
 
ترى حركة يديه تتحدى الفضاء، وعينيه تقدحان شرراً، شيمة كل غضبان في كفرشيما.. إنّ حبال أعصابه المرهفة، المتوترة، المتحفزة أبداً للالتفاف حول أعناق الطائفيين والإقطاعيين والخائنين، تتحكم في شعره، كما يتحكم المد والجزر في أمواج البحر، تارة ثورة وجنون.. وطوراً لين وسكون.
 
فالذي قال أرقّ ما قيل في خصلة الشعر وفي الراهبة، قال في رجال الدين:
 
ضربت بها قلانسهم فطارت ولو خـفت مآثمهـم لطـاروا
 
وقال في المراثي:
 
ماشَيْته يوماً فدسـت خيـالَه عرضاً فـأثر لومـه بحذائي..
 
هذه القسوة في التجريح ظاهرة غريبة في شاعر يحسد النسيم الذي قبل حبيبته ويحسد قلبه الذي يحويها.. وكم جرت عليه صلابته وصراحته من متاعب، وكم نفرت منه عشراء وأصدقاء.. وهو كصخرة الوادي، لا يتزحزح عن موقفه.
 
وأيّ هجاء في مقالي لعقرب له ولع في الشر: "إنّك عقرب"
 
الفرق بينه وبين أبو ماضي، على تشابههما في الشاعرية الفياضة، أنَّ فرحات يلعن الظلام قبل أنْ يشعل الشمعة، وأبو ماضي يشعل الشمعة ثم يمجد النور.
 
ألم يقل أنَّ الكلب الذي يخون صاحبه يعاقبه الله بردّه إنساناً؟

الصفحات