كتاب "من الأيام"، يوجد في الجسم، عدا الأجهزة المعروفة- كجهاز الهضم والتنفس والدوران والبول والتناسل- أجهزة كثيرة تمتلئ بوصف دقائقها كتب الطب جميعاً، وهناك، فوق هذه الأجهزة المذكورة جهاز خاص هو الذي يديرها جميعاُ، المجهول أشار غلى وجوده كثير من العلماء، ولكن
أنت هنا
قراءة كتاب من الأيام
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
شكوى ··!
تلقيت الرسالة التالية
استجبت مرة إثر عودتي من سفر طويل بالأستاذ (الأحمر) محرر زاوية (ورود وأشواك) في جريدة النصر الغراء ليجيرني من الكلاب التي كانت تحرم عيني لذيذ النوم بنباحها المتواصل· وقلت لعله يضم صوته إلى صوتي فتجرد محافظة العاصمة حملة للفتك بها وإراحة الناس من شرورها ولكن الأستاذ سامحه الله انتهزها فرصة للنيل من صحفي له عنده ثارات فكاد أن يوقعني في مأزق لولا لطف الله ولباقة الصحفي·· والآن بعد عودتي مرة أخرى من سفر طويل لجأت إلى بيت صغير لي متواضع في الغوطة التمس فيه الهدوء بعيداً عن الضجيج وإذا بالكلاب إياها تلاحقني حتى ··· صياح الديك! وقد فكرت طويلاً بمن أستجير فلم أجر أقدر منك فقد عودتنا على تلبية كل ملهوف بما تطلع علينا من قصائد ومقالات ويوميات منذ أكثر من ثلاثين سنة فيها راحة للصدور وبلسم للنفوس فتداوي بها الأرواح كما برعت في مداواة الأجساد طيلة نهارك··
صديق
***
هذه هي الرسالة والصديق صاحبها لم يكن بحاجة للاستنجاد، لا بي، ولا حتى بوزير بلديتنا المحبوب صديقنا الأستاذ سهيل الخوري وذلك لأنه يعرف حق المعرفة بأن أي جلواز في المحافظة على استعداد لتلبية طلبه بالقضاء على الكلاب الشاردة عند أول إشارة ولذا فأغلب ظني أنه رغم قصة الأستاذ الأحمر ورغم طلبه الصريح بالحملة على·· الكلاب فإن هدفه هو أبعد وأسمى من ذلك!! ولكي تتأكد من هذا سنلقي على موضوع الشكوى نظرة تجرد واستقراء:
المطلوب في هذه الشكوى هو القضاء على الكلاب·· بحملة·· ولكن بالله عليك ما الذي تصنعه هذه الحيوانات الضعيفة المسكينة لتستحق منا السم أو الرصاص؟إنها تقلق الناس بنباحها وهذا صحيح ولكن هذا النباح لا يختلف عن صراخ طفل جارنا الذي يقلقني طوال الليل والطفل عندما يصرخ إنما يفعل ذلك إما عن جوع أو عطش وإما عن ألم ونحن نعرف ذلك عنه فلماذا نتجاهل ذلك في الحيوان المسكين ونطلب تسميمه في الحال ؟!!
هذا ظلم صارخ وأكثر منه ظلما هو نظرتنا البشعة إلى هذا المخلوق منذ الأزل فهي نظرة ليس فيها ذرة من الحق والعدل· ولتتحقق من هذا أرجوك أن تصغي إلى هذين البيتين لشاعر قديم إذ يقول:
شاتمني عبد بني مسمع
فصنت عنه النفس والعرضا
ولم اجبه لازدرائي له
من ذا يعض الكلب إذا عضا؟!
فهل سمعت؟ نحن نضن على الكلب المسكين حتى بالضرب والعض عندما يعضنا أو يؤذينا وذلك امتهاناً له واحتقاراً لشأنه فهل بعد هذا القتل الأدبي قتل!!كل ذلك يفعله (الإنسان) ذلك المخلوق المهذب المثقف إزاء (الحيوان) الذي لم يهبه الله إلا العقل والوسائل التي ترفعه وتسمو به إلى مرتبة·· الإنسان ومع أننا لو رفعنا القناع عن وجه هذا وذاك، لظهر لنا الوجهان على حقيقتهما بدون زيف وسأفعل لك هذا بهاتين القصتين: