كتاب "من الأيام"، يوجد في الجسم، عدا الأجهزة المعروفة- كجهاز الهضم والتنفس والدوران والبول والتناسل- أجهزة كثيرة تمتلئ بوصف دقائقها كتب الطب جميعاً، وهناك، فوق هذه الأجهزة المذكورة جهاز خاص هو الذي يديرها جميعاُ، المجهول أشار غلى وجوده كثير من العلماء، ولكن
أنت هنا
قراءة كتاب من الأيام
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
رأى نفسه في أيام الربيع·· إنه يتنزه بين الحقول والرياض الغناء حيث يمتد الطريق الجميل حتى القرية المجاورة فظل متابعاً السير حتى وصل فرادى وأزواجاً نحو الكنيسة وتذكر أن اليوم كان يوم أحد وأن صلاة القداس ستبدأ فقرر الاشتراك بالصلاة مع الجمهور وشعر بأن الحر يضايقه والعرق يتصبب منه فرأى أن يلجأ إلى المقبرة التي في ميدان الكنيسة ليترطب في جوها المنعش من نسمات الهواء العليل وهكذا تدرج إلى هناك حيث بدأ باستعراض القبور وقراءة أسمائها وما كتب على أحجارها ولاحت منه التفاتة فرأى مكان الناقوس ورأى الناقوس وقد تدلى إلى جانبه حبل الناقوس وشاهد إذ ذاك ضارب الناقوس يتقدم بخطى وئيدة ليمسك به وليدق دقاً بدأ ضعيفاً ولكنه ما عتم حتى صار قوياً له أركان المكان·· وآفاق على إثر ذلك·· من النوم!!
بهذه التجارب عرف كيف (يستغل) (الزمن) القليل للقيام بعمل طويل وهذا بحث له مراحله ودراساته ونتائجها··
يقابل هذا أمر على جانب كبير من الأهمية·· ذلك هو (تجميد) الزمن أو بمعنى أوضح (إيقاف) الزمن!
الأمر يبدو معجزاً في البداية ولكن لنذكر قصة أهل الكهف وقد أسهبت الكتب السماوية في سردها بالرغم من أن (الطبيعيين) لا يؤمنون بذلك ولكن أنظار هؤلاء تنبهت منذ زمن غير بعيد إلى ظواهر تلفت الأنظار·· من ذلك أن الجنرال (طاونسند) الانجليزي ــ وهو الذي قاد حملة كوت العمارة في الحرب الأولى ووقع أسيراً ــ يستظيع إيقاف قلبه ونبضه مدة خمس دقائق وهذا موضوع بالنسبة لنا نحن الأطباء ليس بالموضوع الذي نتساهل في تصديقه ومع ذلك فلا بد من تصديقه لأن الخبر على الأقل صحيح ثم هناك (فقراء الهند) الذين يدفنون أنفسهم تحت التراب ساعات وأياماً·· كل هذه الأمور ليست مما يجوز الاستخفاف به بعد أن علمنا التجارب استحالة·· المستحيل!
أما أنا فإني لا أرى في الوصول إلى النتائج الحاسمة في هذا الصدد نصراً علمياً فحسب بل ونصراً للأخلاق أيضاً إذ أن السيطرة على الزمن معناه الوصول إلى وسيلة يوضع بها ميزان الكذب والدجل والتهريج وذلك لأن هذه كلها أمور لا بد وأن يفضح أمرها مع الزمن تأييداً لقول الشاعر:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تعلم!!
فكل كذاب وكل دجال وكل مهرج ــ وما أكثر هؤلاء في دنيا العرب! ــ سيكشف عنه القناع بين ·· إغماض العين·· وفتح العين!··
ولعل القارئ العزيز يدرك مثلي بمزيد الألم والحسرة أن الوصول إلى هذا الهدف لا يزال بعيداً·· ولكن:
ماذا يمنع؟!
إنها والله أمنية عذبة!